المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خبر عاجل الإدارة الإسلامية



مستر احمد يحيى
07-05-2010, 05:00 PM
الإدارة الإسلامية

تقوم الإدارة الإسلامية على الأسس التالية:

أولاً: المشاركة في صنع القرار

إذا ما أعدنا قراءة النصوص التي حثت على المشورة لوجدنا أن الغاية من هذا الحث هو ايجاد مقدار من المشاركة في صنع القرار وان لا يتفرد رجل واحد في صنع القرار سواء كان هذا الرجل قائداً عسكرياً أو مالياً، أو مديراً أو مسؤولاً في أي ميدان من الميادين فـ(الشركة في الرأي تؤدي إلى الصواب)(4) لأنها مشاركة جمع من العقول، وإضافة آراء ذوي الخبرة والتجربة، فالقرار الذي يأتي عبر مناقشة مستفيضة ستجتمع عليه الآراء فيكون أقرب إلى الصواب.

أما نجاح العمل فالمشاورة تكفل هذا النجاح، يقول الإمام(ع): شاوروا فالنجاح في المشاورة(5 ) ولم يحدد لنا الإمام كيفية وأسلوب المشاورة، بل وضع أمامنا قاعدة عامة وذكر لنا فوائد تطبيق هذه القاعدة ومضار تركها، ولم يستثن ميداناً من الميادين، وهذا يعني أنها ضرورية لكل عمل يقوم به الإنسان وتشتد الضرورة عندما يكون هذا العمل مناطاً بمجموعة من الأشخاص وليس فرداً واحداً.

وإذا امعنا النظر في هذا النص: صواب الرأي باجالة الأفكار(6) لاتّضحت لنا أهمية المناقشات المستفيضة من ذوي الشأن للوصول إلى القرار الصائب.

ثانياً: حسن اختيار المدير

إذا أحسنا اختيار المدير (أو أي موظف) فانه سيبقى مواصلاً لعمله، وهذا ما يفعله اليابانيون أيضا، فهم يصرفون جهداً واسعاً في اختيار الموظف لأنهم سيختارونه مدى الحياة في تلك الدائرة(7) فحسن الاختيار يسد الطريق امام المشاكل التي قد تطرأ نتيجة ضعف الموظف أو عدم انسجامه مع الجو العام وإذا ما أمعنا النظر في رسالة الإمام(ع) إلى مالك الاشتر لوجدنا الشروط الصعبة التي يضعها امامه عند اختياره لعماله: ثم انظر في أمور عمالك فاستعملهم إختباراً، ولا تولّهم محاباةً وأثرة فإنهما جماعٌ من شعب الجَوْرِ والخيانة، وتوَخّ منهم أهل التجربة والحياء من أهل البيوتات الصالحة، والقدم في الإسلام المتقدمة فانهم اكرم أخلاقاً، وأصحّ أعراضاً (أغراضاً) وأقلّ في المطامع اشراقا (اسرافاً) وابلغ في عواقب الأمور نظراً(8).

شروط متعددة غير محصورة بالكفاءة اللازمة في العمل فقط، بل لابد من ملاحظة (العامل) من النواحي النفسية والاجتماعي ة أيضا، حتى لا يأخذه الطمع ولا تتغير نواياه وأغراضه كما لابد من ملاحظة سلوكه الاجتماعي وقدرته على التكيّف في المحيط الاجتماعي الجديد، عند ذلك تبدأ مسؤولية المدير (ثم اسبغ عليهم الارزاق، فإنّ ذلك قوة لهم على استصـــلاح انفسهم وغنىً لهم عن تناول ما تحت أيديهم، وحــجة عليهم إن خالـــفوا أمرك أو ثلموا أمانتك)(9) فعندما تجتمع تلك الخصال في فرد من الأفراد ثم يقابل بالمكافأة الجيدة فإن ذلك مدعاةً له لأن يستقيم في عمله ويواصل جهده لترقية المؤسسة.

وفي مكان آخر يقول لمالك: وافسح له في البذل ما يزيل علته وتقلّ معه حاجته إلى الناس، وإعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصتك(10).

وهذه عوامل تحصن الموظف من السقوط في طريق الرشوة، أو تغيير موقعه من مؤسسة لأخرى.

1ـ البذل الواسع الذي يكفل جميع حاجاته حتى يشعر بالغنى.

2ـ المنزلة المرموقة حتى يشعر بالأمن والطمأنينة على وظيفته، وهذا ما يسمى بالأمن الوظيفي.

فماذا يريد الموظف بعد كل ذلك إذا كانت حياته مؤمنة، ووضعه الوظيفي مستقراً، إنها كفالة كاملة لا تضمنها للموظف افضل الشرائع الادارية، فحتى الإدارة اليابانية لا تحيط الموظف بهذا الشكل من الرخاء الأمني والمعيشي، فالموظف يأخذ راتباً معيناً، وقد يكون هذا الراتب غير كاف لتغطية جميع نفقاته، فماذا سيعمل حينذاك يا ترى؟

قد تدفعه الحاجة إلى أعمال مشينة مُخلة بالأخلاق الإدارية. لكن في المنهاج الاداري لأمير المؤمنين عليه السلام يجب أن يؤمّن الموظف حتى يصل حد الغنى، أي لا يتمّ الاكتفاء بالراتب الشهري فقط، بل المعيار هو تأمين حاجاته، ومن ثمّ توفير الأمن الوظيفي له: واعطه من المنزلة لديك مالا يطمع فيه غيره من خاصتك(11).

ثالثاً: العمل المقرون بالعمل والتجربة

وهو العنصر الثالث من عناصر الإدارة اليابانية، وهو أول الكلام في النظام الإسلامي، فقد أنزل الله سبحانه وتعالى أول كلمة على قلب رسول الله(ص) وهي تحمل تعاليم بالحث على العلم، أما أمير المؤمنين(ع ) فليس هناك في قاموس كلماته التي استعملها اكثر من كلمة العلم وهي تتردد على لسانه البليغ.

ودائماً العلم إلى جانب العمل، فأحدهما بدون الآخر يبقى ناقصاً، لنتصفح أقواله(ع): على العالم أن يعمل بما علم، ثم يطلب تعلّم ما لم يعلم(12) وأحد مصاديق هذا القول الرجل الياباني الذي يدخل المؤسسة ويتلقى في كل يوم دروساً جديدة لتطوير العمل داخل تلك المؤسسة، فهو يواصل العلم والعمل معاً وسوية.

يقول أمير المؤمنين(ع ): جمال العالم عمله بعلمه(13) فالقاعدة التي يضعها الإمام هي: اصطباغ العمل بالعلم، واقترانه به حتى يصبح عمله قائماً على اسس متينة، وتكون ثمرته الإنتاج الوفير.

يقول أمير المؤمنين(ع ): لا خير في العمل إلا بالعلم(14) فلو كان اليابانيون عرفوا بهذه الحكمة لاستنسخوها ولوضعوها في لوحة وعلقوها في جدار مصانعهم ودوائرهم. لانهم بذلوا الكثير حتى تمكنوا أن يحققوا هذا الزواج الدائم الذي لا ينقطع بين العلم والعمل حتى داخل المصنع وإذا سألتهم لماذا تصنعون ذلك؟ لقالوا لك.. بانها السعادة التي يطمحون إليها، اعملوا بالعلم تسعدوا(15) .

وإنها النجاح الباهر: اعمل بالعلم تدرك غنماً(16). لأنّ العمل بالعلم من تمام النعمة(17) أما لو امتنع الإنسان العامل عن أخذ العلم باستمرار فما هي نتيجة ذلك يا ترى؟