المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خبر عاجل حينما تنعطف الجيادُ من كبوتها ! (2)



مستر احمد يحيى
08-17-2010, 03:50 PM
إنما يعود المتجردون، ويؤوب الذين مُحصت ضمائرهم من الهوى، أولئك الذين أنعم الله عليهم واستبانت لهم سبيلُ الهداية.
ولكن إذا ما أراد أحدهم – أو بالأحرى أحدنا – أن يراجع نفسه، ويعود إلى صف المهتدين ، فما عليه إلا أن :
1ـ يقف علي حقيقة ما هو عليه – متجردًا لله
وليقف مليًا متدبرًا في نصوص الشرع الصحيحة، وليعرض أفكاره على الكتاب والسنة، بإنصاف وإذعان، والقرآن الكريمُ، يصحح المفاهيم الخاطئة ، ويدعم القيمَ الإيحابية، ويقوِّمُ في المرء طريقة التفكير، و يُربي في الإنسان خلقَ التقويم الذاتي، كما أنه يعلمه أن ينظر في أخطائه ، فيصححها ويستفيدَ منها.. يعمد القرآنُ إلى عقلونا، فيضبطها، بميزان وقسطاس مستقيم، ويكسبها النورَ والفهم العميقين، فتستحيلُ نفوسنا قرآنًا يمشي على الأرض .

2ـ ثم عليه أن يمحص أصوله التي يرتكز عليها
فكثير من الناس قد بنوا أصولاً ضخامًا على حديث ضعيف، أو تأ*** فاسد، أو اجتهاد خاطئ فسقطوا بذلك في أكثر من خطأ ولو محصوا أصولهم التي يرتكزون عليها و راجعوا كتاب الله والسنة الصحيحة لعصمهم ذلك من الانزلاق في هذه الأخطاء.

3ـ وعليه أن يناقش العلماء في أصول ما يعتقد
فلعل الجدال بالتي هي أحسن، والمناقشة النزيهة – التي تسودها الحب والمودة - تقودانه إلى فهم جديد، أو إلى باب غفل عنه، أو على الأقل يخرج من تلك المناقشة إلى ساحة الحياد، بعدما كان يقف في الميدان يحمل سلاح التعصب لمنهجه. ولا امتراء أن الحياد أفضل للخصم من التعصب، وقد قال الله تعالى :
" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُ مْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُون َ" [آل عمران64]
وقد يصل الأمر إلى المباهلة، التي تحسم جدالاً عقيمًا، حول أصل من الأصول، وهي مشروعة بالكتاب والسُّنة، لقوله تعالى :
" فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَن َا وَأَبْنَاء َكُمْ وَنِسَاءَن َا وَنِسَاءَك ُمْ وَأَنْفُسَ نَا وَأَنْفُسَ كُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِ ينَ"[آل عمران61]
يعني : فمن جادلك في حقيقة عيسى، من بعد ما وصلك هذا العلم – في الذكر الحكيم –، فقل للمجادلين : هلموا إلى المباهلة، فندعوا على الكاذب فينا ! تعالوا ندع أَبْنَاءَن َا وَأَبْنَاء َكُمْ وَنِسَاءَن َا وَنِسَاءَك ُمْ وَأَنْفُسَ نَا وَأَنْفُسَ كُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ إلى الله؛ أن أنزل لعنتك يا رب بالكاذب فينا في شأن عيسى، فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِ ينَ.
وقد ورد في السير، أن وفد نصارى نجران، جادلوا النبي – صلى الله عليه وسلم – في شأن عيسى، ثم عزموا على المباهلة :
فعَنْ حُذَيْفَةَ – رضي الله عنه - قَالَ : جَاءَ الْعَاقِبُ وَالسَّيِّ دُ صَاحِبَا نَجْرَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدَانِ أَنْ يُلاَعِنَا هُ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَ ا لِصَاحِبِه ِ : لاَ تَفْعَلْ ، فَوَاللَّه ِ لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلاَعَنَّ ا ، لاَ نُفْلِحُ نَحْنُ وَلاَ عَقِبُنَا مِنْ بَعْدِنَا .
قَالاَ : إِنَّا نُعْطِيكَ مَا سَأَلْتَنَ ا ، وَابْعَثْ مَعَنَا رَجُلاً أَمِينًا ، وَلاَ تَبْعَثْ مَعَنَا إِلاَّ أَمِينًا . فَقَالَ « لأَبْعَثَن َّ مَعَكُمْ رَجُلاً أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ » . فَاسْتَشْر َفَ لَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاح ِ » . فَلَمَّا قَامَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ » (1)
وعن ابن عباس – رضي الله عنه – أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : قال "َ لَوْ خَرَجَ الَّذِينَ يُبَاهِلُو نَ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَرَجَعُوا لَا يَجِدُونَ مَالاً وَلَا أَهْلاً "(2)

4ـ ثم عليه أن يستخير الله ربه
عسى الله أن يشرح صدره إلى سبيل النور، فلَكم قضى الله أمورًا بصلاة الاستخارة، وهي دأب المؤمنين، الذين يدعون ربهم ألا يكلهم إلى أنفسهم طرفة عين، إنما هم يجترحون في دنيا الحياة على بصائر الله. الذين يتقون الانحرافَ عن الجهة، ولا يشرعون في الإبرام والنَّقض ودقيق الأمور وجليلها إلا بهدى من الله، من آية قاطعة، أو حديث ثابت .

وأخيرًا
الناسُ أجمعون في مسيس الحاجة إلى المراجعة الدائمة، والتقويم الذاتي، ورد الأمور إلى الكتاب والسنة جملةً وتفصيلاً، ولا يظنن المرء أنه بمفازة من طريق الضلال وهو يتخبط بين المذاهب، ويتخير من بين النصوص، ويأخذ برأي ويدع الآخر، من دون ضابط أو ضرورة.
ولعمرو الله إن أضيع الناس لَلذي يعبد هواه، وإنْ افتخر أنه لا يسجد لوثن، فسجود المرء لهواه لا يختلف كثيرًا عن إذعانه للأصنام الصلدة .
إن الدين ضاع بين متشدد ومُترخِّص، بين طرفي التطرف، من تنطع و تساهل.
إن سبيل الرجوع الصادق مرهونٌ دومًا بالصدق مع النفس، والتجرد لله، ورد النزاعِ إلى الأصلين ( القرآن الكريم، والسنة الصحيحة ). ولا خوف أبدًا على عبد صادقٍ متجردٍ القرآن بيمناه والسنة بيسراه .