حديث عائشة رضي الله عنها: أظنك تحب موتي



قالت عائشة رضي الله عنها: وارأساه! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ذاكِ لو كان وأنا حي، فأستغفِر لك وأدعو لك))، فقالت عائشة: واثكليَاه! والله إني لأظنُّك تحبُّ موتي، ولو كان ذاكَ لظَلِلْتَ آخرَ يومك مُعرِّسًا ببعض أزواجك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((بل أنا وارأساه! لقد هَمَمْتُ - أو أردت - أن أرسلَ إلى أبي بكر وابنِه وأعهَدَ، أن يقول القائلون أو يتمنى المتمنون، ثم قلت: يأبى الله ويدفع المؤمنون، أو يدفع الله ويأبى المؤمنون))[1]. من فوائد الحديث: 1- الرخصة للمريض بأن يتوجَّعَ من شدة المرض، وأنه لا حرج فيه، إذا لم يكن على وجه التسخُّطِ.
2- أن كثرة الشكوى للناس تدل على ضعف اليقين، وتُشعر بالتسخُّط من القضاء، كما تُورِثُ شماتة الأعداء.
3- قوله صلى الله عليه وسلم: ((وارأساه! )) هو تفجُّعٌ على الرأس؛ لشدةِ ما وقع به من ألم الصداع.
4- أصل الثَّكَلِ: فقْدُ الولد، أو من يعزُّ على الفاقد، وليست حقيقة مُرادة، بل هو كلام يجري على اللسان عند حصول المصيبة، أو توقعها.
5- شدَّة الغيرة لدى عائشة رضي الله عنها.
6- مداعبة الرجل أهلَه.
7- الإفضاء إلى الأهل بما يستره عن غيرهم.
8- الدعاء بكشف البلاء لا يَقدَحُ في الرضا والتسليم، فالطلب من الله زيادة عبادة.
9- لا بأس بإخبار المريض عن حاله لصديقه أو طبيبه.
10- المقصود بالعهد لأبي بكر رضي الله عنه هو توليته خلافةَ المسلمين[2].
11- فَهِمت عائشة رضي الله عنها بدافع الغيرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم يحب موتها قبله، فظنَّت أنه صلى الله عليه وسلم يتعجل موتها، وتصوَّرت أيضًا أنه صلى الله عليه وسلم يرجع من دفنها لو ماتت إلى بيتها متزوجًا بغيرها، وينساها في نفس اليوم.
12- معرفةُ النبي صلى الله عليه وسلم بدنو أجلِه، وذلك مما أطلَعَه الله عليه.
13- الميت لا ينفع الحيَّ، ولا يكون واسطةً بينه وبين الله بالدعاء والاستغفار ، وإلا لما علَّق النبي صلى الله عليه وسلم استغفاره ودعاءه لعائشة رضي الله عنها على حياته[3].
14- من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث صرَّح في هذا الحديث بتولِّي أبي بكر رضي الله عنه للخلافة.
15- حبُّ النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها.
16 - أي فضل وأي عز أن يستغفر النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو لإنسان؟
17- فضل الدعاء والاستغفار .
18- النبي صلى الله عليه وسلم مشغول بهمٍّ كبير، وهو الخلافة، وجمع المسلمين على خليفة واحد، وعائشة رضي الله عنها كان فكرها مشغولاً في تلك اللحظة، تظنُّ النبي صلى الله عليه وسلم يتمنى موتَها، وأنه سيتزوَّجُ غيرَها في اليوم الذي سيَدفنُها فيه، وهو الذي يحبُّها، ويتمنى لها الخير.
19- مهما بلغت المرأة من عقل وكمال، فإنها تظل على نقصانها، الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما رأيت من ناقصاتِ عقلٍ ودين أذهبَ للُبِّ الرجل الحازم من إحداكن))، قلن: وما نقصان دينِنا وعقلِنا يا رسول الله؟ قال: ((أليس شهادةُ المرأة مثلَ نصف شهادة الرجل؟))، قلن: بلى، قال: ((فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تُصلِّ ولم تَصُمْ؟))، قلن: بلى، قال: ((فذلك من نقصان دينِها))[4]، وهذا النقص أمر قدَّره الله، لا يقدح في دينها وإيمانها.
20- كل أمر يهون عند المرأة إلا سماعها أن زوجها سينكِح عليها، أو أنه تزوَّج عليها، ولكأنها صاعقةٌ ستقضي عليها.

[1] البخاري 5666.
[2]من 1 - 10 مستفاد من فتح الباري 10 /123 - 126.
[3]من 11 - 13 مستفاد من: المنهل الحديث في شرح الحديث؛ د. موسى شاهين لاشين 4 /133.
[4] البخاري 304، مسلم 79.