الإشارة إلى نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

في سفر أشعياء


ورد في (سفر أشعياء – إصحاح 42) وثيقة تتحدى كل من لا يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، حيث وصفت هذا النبي وقومه بخصائص وأحوال قبل مجيئهم، ثم حالهم بعد ظهوره بينهم، وهذه الخصائص والأوصاف لا تنطبق إلاَّ عليه صلى الله عليه وسلم والوثيقة على شكل فقرات وهي: الأولى: تتحدث عن نبي اشتهر بأنه عبد الله ورسوله تقول: (هو ذا عبدي الذي أعضده. مختاري الذي سرت به نفسي. وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم). والثانية: تبين أن الدين يسود وتكتمل الشريعة التي جاء بها في عهده هو، وليس من بعده حيث لم تكتمل المسيحية في حياة المسيح، فقد دخل عليها كثير من عمل التلاميذ وعمل رجال الكنيسة وعمل (***س)، لكن النبي صلى الله عليه وسلم الذي تتحدث عنه نبوءة أشعياء تؤكد اكتمال الشريعة في عهده، ويكتمل الدين في وجوه بحيث لا تستطيع الأجيال اللاحقة أن تقوم بعمليات حذف أو إضافة إلى ما جاء به هذا النبي.. هذا ما يقوله السفر نفسه: (لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الأرض. وتنتظر الجزائر شريعته)، فهذا السفر يبين لنا أن لهذا النبي شريعة، بينما المسيح ليس له شريعة، لكنه جاء بمجموعة من الأخلاق يحافظ من خلالها على شريعة موسى ويدعو المؤمنين لتطبيقها، فقد كان آخر وصياه قوله في إنجيل (متى 23: 1-3): (على كرسي موسى جلس الكتبة والفريسيون . فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه فاحفظوه وافعلوه، ولكن حسب أعمالهم لا تعلموا لأنهم يقولون ولا يفعلون). والثالثة: (أنا الرب قد دعوتك بالبر فأمسك بيدك وأحفظك وأجعلك عهداً للشعب ونوراً للأمم): إن هذه الفقرة تبين أن الله يعصمه من الناس حتى يكمل رسالته أي أنه لا يموت، ولن يقتل حتى يكتمل الدين، وهذا يؤيد ما جاء في القرآن الكريم قال تعالى: ﴿ يَا أَيْهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغتَ رِسَالَتَه ُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ[1]، فإن هذه الآية لما نزلت قال رسول صلى الله عليه وسلم: ((أيها الناس انصرفوا عنا فقد حرسنا الله)). والرابعة: (لترفع البرية ومدنها صوتها. الديار التي سكنها قيدار. لتترنم سكان سالع. من الجبال ليهتفوا) تبين هذه الفقرة أن هذا النبي يأتي من نسل إسماعيل من إبراهيم عليهما السلام. وقيدار: هو الابن الثاني لإسماعيل كما في (سفر التكوين 25: 13). والخامسة: (يخزي خزياً المتكلمون على المنحوتات القائلون للمسبوكات أنتن آلهتنا) تبين الفقرة أن هناك علامة بارزة تفرق بين هذا النبي وأي نبي آخر قد يقال: إنها تتنبأ عنه كالمسيح أو غيره، فهي تبين بوضوح أن أعداءه المنهزمين كانوا عبدة أصنام وأصحاب أوثان، واليهود الذين ظهر فيهم المسيح ما كانوا عبدة أصنام، لقد كانوا يؤمنون بالإله الواحد الحي الذي لا يموت. والسادسة: (الرب كالجبار يخرج كرجل حروب ينهض غيرته. يهتف ويصرخ ويقوى على أعدائه) تبين هذه الفقرة أن هذا النبي رجل حرب، ونجد في أسفار موسى أن رجل الحرب صفة من صفات الله سبحانه وتعالى، هذا ما جاء في (سفر الخروج 15: 3): (الرب رجل الحرب الرب اسمه..). والسابعة: (من رؤوس الجبال ليهتفوا. ليعطوا الرب مجداً ويخبرونه بتسبيحه في الجزائر) تشير إلى حج المسلمين ووقوفهم على جبل عرفة يسبحون الله ويمجدونه وهذا ليس إلاَّ في الإسلام. والثامنة: (شعب منهوب ومسلوب، قد اصطيد في الحفر كلها، وفي بيوت الحبوس اختبئوا صاروا نهباً ولا منقذاً، وسلباً وليس من يقول رد) هذه الفقرة تشير إلى أن هذا النبي سيظهر في شعب ضعيف كان طعمة لكل آكل، هذا هو حال العرب قبل الإسلام، فقد كانت الحدود الشمالية الغربية نهباً للروم، كما كانت الحدود الشمالية الشرقية نهباً للفرس. والتاسعة: (لتفتح عيون العُمي، لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة، أسير العُمي في طرق لم يعرفوها، في مسالك لم يدروها أمشيهم، أبعد الظلمة أمامهم نوراً والمعوجات مستقيمة، هذه الأمور أفعلها ولا اتركهم) تشير الفقرة إلى أن هذا المجتمع إذا جاء النبي وظهر فيهم تحول العُمي إلى مبصرين، والمرضى إلى أصحاء، فانطلقوا في الآفاق حتى خضع لهم العالم. قال الوزير البريطاني السابق: انتوني فاتنتج: (إن ما حدث في الإسلام ليس له مثيل في تاريخ العالم، فلقد كان متوسط مساحة الأرض التي فتحها الإسلام نحو 250 كيلو متراً مربعاً يومياً على مدى سبعين عاماً، لقد امتدت الفتوحات الإسلامية على هذا النحو الخارق لكل تجارب البشر، وهي تفوق الواجب اليومي لأي جيش من جيوش العالم حديثة التنظيم والتسليح). والعاشرة: يختتم السفر نبوءته بأنه نبي البر الذي يعظم شريعة الله ويكرمها، وهذه تحققت في رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو نبي الرحمة الذي أرسله ربه إلى العالم كافة. قال المسيح: (لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية)، وهذا ما يقوله القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحَيُّ يُوحَى[2]. والحادية عشر: أخبر المسيح ابن مريم أن أركون العالم سيأتي، وأركون تعني السيد، والأستاذ[3].
كتاب: لِيُظْهِرَ هُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ

[1] المائدة: 67.

[2] النجم: 2و3. ينظر: مناظرة بين الإسلام والنصرانية : 232-240، طبع ونشر: الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد – الإدارة العامة للطبع والترجمة، الرياض - المملكة العربية السعودية 1407 هـ.
[3] محمد الرسول صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل والكتب القديمة، ص: 44 وما بعدها.