المناهج الجديدة 2018 / 2019 :

الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا، لا إله إلا الله وحدهُ، صدق وعدهُ ونصر عبدهُ وأعز جندهُ وهزم الأحزاب وحدهُ، لا إله إلا الله ولا نعبدُ إلا إياهُ، مُخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم صلِ على سيدنا محمدٍ، وعلى آل سيدنا محمدٍ، وعلى أصحاب سيدنا محمدٍ، وعلى أنصار سيدنا محمدٍ، وعلى أزواج سيدنا محمدٍ، وعلى ذرية سيدنا محمدٍ، وسلم تسليمًا كثيرً **** كل عام وجميع الأمة الإسلامية بخير

facebook

صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123
النتائج 21 إلى 28 من 28

الموضوع: كيف تسألين أهل العلم

  1. #21
    مشرف سابق الصورة الرمزية abomokhtar
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    4,025

    01 (2) مخطوبة ..فما حدود الطاعة للخاطب؟


    السؤال
    السلام علكيم ورحمة الله وبركاته.

    أنا في حيرةٍ من أمري، وأحب أن أركز على التفاصيل البسيطة في حياتي من أجل رضا ربي، وتفادي المشاكل في حياتي الجديدة، وأسئلتي هي:

    السؤال الأول: أنا مخطوبة، والزواج بعد شهرين، وحالياً أنا في بيت والدي، فهل يجب على زوجي النفقة علي أم هو واجبٌ على والدي؟

    السوال الثاني: حالياً أنا في بيت والدي، فهل يجب أن أستأذن من زوجي في حال خروجي من المنزل لقضاء "المشا وير" ومستلزماتي ، أم يجب أن أستأذن من والدي؟

    السوال الثالث: هل الواجب على المرأة البقاء في المنزل من دون وظيفة؟

    ولكم جزيل الشكر.




    الإجابــة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الابنة الفاضلة/ f m h حفظها الله.
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

    مرحبًا بك ابنتنا الكريمة في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يبارك لك، ويبارك عليك، ويجر إليك الرزق الحسن، ويسعدك في دنياك وآخرتك.

    نشكر لك تواصلك معنا، وحرصك على معرفة حدود الله تعالى لتبني حياتك عليها، وهذا دليلٌ على حسنٍ في إسلامك، ورجاحة في عقلك.

    أما سؤالك الأول: فالنفقة تجب على الوالد، إلا بعد العقد وتسليم المرأة نفسها للزوج، فإذا تم العقد وسلمت نفسك للزوج ليدخل بك؛ فهنا يجب عليه أن يُنفق، فإن النفقة على المرأة جعلها الله تعالى في مقابل حبسها للاستمتاع بها، أما قبل العقد -كما هو في حالك أنت- فإن نفقتك لا تزال على والدك.

    أما السؤال الثاني، وهو خروجك من المنزل: فما دام الزوج ليس هو من يُنفق الآن، ولستِ في عصمته؛ فإنه لا سلطان له عليك، ولا طاعة له عليك الآن، ومن ثم لا يجب عليك استئذانه، بل الواجب عليك طاعة والدك ما دمت على الحالة التي وصفت.

    وأما: هل الأفضل للمرأة أن تبقى في المنزل من دون وظيفة؟ فإن هذ الأفضل يختلف باختلاف الناس، وبما لا شك فيه أن استقرار المرأة في بيتها هو الأصل في حال المرأة ووضعها، فإن لها وظيفة كبيرة، وهي تربية الأجيال، وإعداد الأبناء والبنات، وهي وظيفةٌ ليست بالسهلة، وظيفةٌ جليلة القدر، كبيرة الأثر، وتستحق من المرأة أن تتفرغ لها، وتوليَ أطفالها وبيتها ما يستحقان من العناية والاهتمام، فإذا كانت المرأة غنية بنفقة زوجها أو بمالها، ولا تحتاج الخروج للعمل، ولا يحتاجها المجتمع أيضًا للأعمال التي تليق بالمرأة، كطبيبة النساء، وتدريسهنَّ ، وما إلى ذلك، إذا لم تكن ثم حاجة خاصة بها أو حاجة المجتمع إليها؛ فإن الأفضل بلا شك أن تبقى في بيتها، تقوم على أسرتها وأطفالها، وبذلك تُسعد نفسها، وتُسعد أبناءها، وتسعد زوجها، وهذه هي الحياة المستقيمة التي تقسم فيها الأدوار، وتوزع فيها الوظائف على أفراد الأسرة، فيؤدي كل فرد في الأسرة دوره، فيسعدون جميعًا.

    أما إذا كانت ثمت حاجة للخروج، سواءً كانت حاجة المرأة، أو حاجة أسرتها، أو حاجة المجتمع عليها؛ فإنه لا حرج عليها في الخروج إذا أرادت أن تخرج للعمل أو لغيره، لكن يُشترط أن يكون ذلك برضا زوجها.

    ولا يفوتنا -أيتها البنت العزيزة- أن ننصحك وأنت في هذه المرحلة قبل العقد أن تكوني حريصة كل الحرص على ***** نفسك، والابتعاد بنفسك عن مواطن الريب؛ فإن هذا يدعو الزوج أو يدعو هذا الخاطب الذي سيقدم على الزواج بك وعلى العقد بك إلى إحسان الظن بك، والثقة فيك، والاعتماد عليك، فكوني حريصة أولاً على إرضاء الله تعالى بالتزام حدوده، ثم على أن تضعي نفسك في الموضع اللائق بك المناسب لك، فلا تخرجي من البيت إلا لحاجة تدعو إلى ذلك، مع التزام الحشمة والحجاب، فإن هذا يعود عليك بالنفع في دينك ودنياك.

    نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.





  2. #22
    مشرف سابق الصورة الرمزية abomokhtar
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    4,025

    01 (2) ما رأي الإسلام فيمن يحصل على منصب لا يستحقه؟ وهل يعد ذلك ظلما؟


    السؤال
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

    ما رأي الإسلام فيمن يحصل على ترقية أو منصب ما ليس من حقه، مع أن هناك من هو أفضل منه، وأكثر كفاءة، فهل يعتبر هذا إثما وظلما؟ شكرا للإفادة.


    الإجابــة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الأخت الفاضلة/ دكتورة سارة حفظها الله.
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

    فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتك على الحق، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يجنبا وإياك الظلم أو الوقوع فيه أو الإعانة عليه، إنه جواد كريم.

    وبخصوص ما ورد برسالتك وسؤالك عن رأي الإسلام فيمن يحصل على ترقية أو منصب ليس من حقه مع أن هناك من هو أفضل منه وأكثر كفاءة؟ وتقولين: هل هذا يعتبر ظلمًا؟ وهل يعتبر إثمًا؟.

    أقول لك: مما لا شك فيه أن هذا التصرف غير شرعي، وأن فيه مفاسد عظيمة، لأنه يُفسد العلاقة ما بين الموظفين بعضهم ببعض، إذ أنه قد يدفعهم دفعًا إلى الحقد والحسد على هذا الشخص الذي تمت ترقيته دون أن يكون أهلاً لها، وقد يؤدي كذلك أيضًا إلى النفور بين المسلمين، وكراهية العاملين لأي إبداع أو إنجاز في دائرة عملهم، لأنهم يشعرون بأن الأمر في المؤسسة لا يقوم على العدل والإنصاف، وإنما يقوم على المحاباة والمصالح المتبادلة، وبذلك يفقدون روح المثابرة، وروح الجد والاجتهاد والتطوير، وهذا مما لا شك فيه قد انتشر بين كثير من المسلمين في الآونة الأخيرة، مما تترتب عليه ضياع فرص عظيمة على المسلمين، وجعلهم في وضع سيئ مع الأسف الشديد، مما أتاح لغيرهم بأن يتقدموا عليهم، وما زالوا هم يعيشون تخلفًا محزنًا ومروعًا، وهذا مما لا شك فيه كما ذكرت نوع من الظلم والإثم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرنا بقوله: (من قلَّد إنسانًا عملاً وفي رعيته من هو أولى منه فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين).

    فهذا نوع من الخيانة، خيانة لله تبارك وتعالى، وخيانة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخيانة لجميع المسلمين، لماذا؟ لأن هذا الرجل قلَّد هذا الشخص عملاً إما لقرابته ومعرفته به، أو لمصالح متبادلة بينهما، وكان في المسلمين من هو أولى منه وأفضل، فإنه بذلك قد حرم المسلمين من الاستفادة من الكفاءات الراقية التي قد تدفع بعجلة الإنتاج، وتؤدي إلى تطور الواقع الإسلامي وحياة الناس إلى الأمام.

    إذًا هذا مما لا شك فيه يعتبر ظلمًا جورًا، ويجوز للموظف الذي وقع عليه هذا الظلم أن يرفع أمره للجهات المسئولة إذا علم أنها سوف ترد إليه حقه، وسوف تقوم بتصحيح الوضع.

    أما إذا علم أن الفساد قد انتشر، وأن هذا الأمر لا يمكن تغييره، فعليه أن يتوجه إلى الله بالدعاء أن يأخذ حقه ممن ظلمه، ولكن لا يقصر في العمل بحجة أنه مظلوم ولا ينبغي أن يعمل، لأن هذا الفهم فهم خاطئ، لأن السيئة لا ترد السيئة، والماء النجس لا يطهر الماء النجس، وإنما الذي يطهر الماء النجس هو الماء الطاهر، والسيئة تُذهبها الحسنة، فحتى وإن وقع الظلم علينا، وتم الاعتداء علينا، وضاع حقنا، فلا ينبغي أن نتحول كظالمين، وإلا فما الفرق بيننا وبينهم، وإنما نؤدي الذي علينا ابتغاء مرضاة الله، وندع الذي لنا حتى يعطينا الله تبارك وتعالى حقنا بالطريقة التي يريدها جل جلاله سبحانه.

    نسأل الله أن يوفقنا وإياك لكل خير، وأن يثبتنا جميعًا على طاعته ورضاه، إنه جواد كريم.

    هذا وبالله التوفيق.





  3. #23
    مشرف سابق الصورة الرمزية abomokhtar
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    4,025

    01 (2) كيف تسألين أهل العلم


    تُعدُّ القنوات الفضائية الدينية المنضبطة فتحاً من الله تعالى للدعوة، ونصراً وتأييداً للدعاة، قال تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إلاَّ هُوَ} [المدثر من الآية:31]، لكن انفتاح الفضائيات على الجماهير المسلمة جاء سريعاً متتابعاً، حيث وجدوا بين أيديهم سبلاً ميسرة للتواصل الحيّ والمباشر مع العلماء، ووافق ذلك لديهم فطرة دينية تتحرى إرضاء الله تعالى، ومعرفة أحكام الشريعة فيما يعنّ لهم من أمور من خلال طرح أسئلتهم واستفتاءات هم على أهل العلم؛ فأقبلوا على التواصل مع العلماء بكثير من الشغف والعاطفة الدينية المتأجّجة، وفي خضم ذلك لم ينتبه البعض لأدب السؤال ومخاطبة العلماء، وأخص النساء في هذه السطور بالذكر؛ نظراً لما أحاطهن به الشرع الحنيف من سياج الضوابط والاحتياطي ات التي تدرأ الفتنة عنهن وتمنع من الافتتان بهن عند الحاجة لمخاطبة الرجال الأجانب.

    وأحب أن أؤكد في البداية مشروعية سؤال المرأة عن أمر دينها:

    فقد أباح الشرع الحنيف للمرأة أن تتكلم مع الرجل الأجنبي لحاجة، أي (سبب مشروع)، ومن الحاجة: أن تباشر البيع والشراء وسائر المعاملات المالية الأخرى، وما كان في طلب العلم تعلّماً وتعليماً، كأن تسأل المرأة الرجل العالم عن مسألة شرعية، أو أن يسألها الرجل إذا اختصت بعلم دون الرجال في زمانها أو مكانها، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن ابن أبي مليكة أنه قال: "كانت عائشة رضي الله عنها لا تسمع شيئاً لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه". ونُقِلَ عن الغزالي: "فلم تزل النساء في زمن الصحابة رضي الله عنهم يكلمن الرجال في السَّلام، والاستفتاء ، والسؤال، والمشاورة، وغير ذلك".

    وسؤال المرأة لأهل العلم عن أمر دينها مما لا تستغني عنه، وهو من الأسباب التي يباح من أجلها أن تخاطب الأجنبي (العالِم) وتسأله عمّا بدا لها، قال تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُك َ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِ ي إلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَك ُمَا إنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [المجادلة:1]، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "تبارك الذي أوعى سمعه كل شيء، إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة، ويخفى عليّ بعضه، وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تقول: يا رسول الله، أكل شبابي، ونثرتُ له بطني، حتى إذا كبرتْ سني، وانقطع ولدي، ظاهرَ مني، اللهم إني أشكو إليك". قالت: "فما برحت حتى نزل جبريل بهذه الآية {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُك َ فِي زَوْجِهَا}"، وزوْجها أوس بن الصامت رضي الله عنهم أجمعين.

    ومعنى قوله تعالى: "{تُجَادِلُك َ} تخاصمك وتحاورك وتراجعك في زوجها" (تفسير ابن كثير؛ ج8، ص: [34]).

    فقد كانت المسارعة إلى استفتاء النبي صلى الله عليه وسلم عمل الصحابيات إذا نزل بهن أمرٌ يجهلنه، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: طُلِّقَت خالتي فأرادت أن تجذّ نخلها -تجني ثماره-، فزجرها رجل أن تخرج، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «بلى فجذّي نخلك» (أخرجه الإمام مسلم؛ كتاب الطلاق).

    وكنّ يستفتين النبي صلى الله عليه وسلم في أمورهن الخاصة التي يُسْتَحَى منها:

    جاءت أم سليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: "يا رسول الله! إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة من غُسل إذا احتلمت؟" قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأت الماء». فغطّت أم سلمة -تعني وجهها- وقالت: "يا رسول الله وتحتلم المرأة؟" قال: «نعم، تربت يمينك! فبمَ يُشبهها ولدها؟» (أخرجه البخاري)، وفي رواية لمسلم قالت أم سلمة رضي الله عنها: "قلت: فضحتِِ النساء!".

    وقول أم سُليم رضي الله عنها: "إنّ الله لا يستحيي من الحق" تقديم وتوطئة للسؤال الذي يُستحيا منه، بل يحسن أن يُقدّم به لمثل هذا السؤال، بدلاً من قول بعض الناس: "لا حياء في الدِّين"، ثم إن هذا القول "إن الله لا يستحيي من الحق" أي أن الله عز وجل لا يأمر بالحياء في مثل هذا الموضع، فقد يؤدي إلى الامتناع من السؤال والتوقف عن معرفة الحكم، وقد يترتب على ذلك أن تظل المرأة تقيم عبادتها بشكل خاطئ، فتأثم بذلك.

    ‏‏وعَنْ عَائِشَةَ ‏رضي الله عنها: "أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ‏عَنْ غُسْلِهَا مِنْ الْمَحِيضِ فَأَمرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ قَال: ‏«خُذِي فِرْصَةً مِنْ مَسْكٍ فَتَطَهَّر ِي بِهَا». قَالَتْ: "كَيْف َ أَتَطَهَّر ُ؟" قَالَ: «تَطَهَّرِي بِهَا!» قَالَتْ: "كَيْف َ؟" قَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِي». فَاجْتَبَذ ْتُهَا إِلَيَّ فَقُلْتُ تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ" (أخرجه البخاري).

    ولذلك استحقت الصحابيات المدح نظراً لحرصهن على الخير، وعلى تعلُّم أمر دينهن مما تصلح به عبادتهن، فعنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: "نِعْم َ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَار ِ، لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُ نَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَسْأَلْنَ عَنِ الدِّينِ وَيَتَفَقَ ّهْنَ فِيهِ" (أخرجه مسلم، وأورده الإمام ابن عبد البر في كتابه: جامع بيان العلم وفضله؛ باب: حمد السؤال والإلحاح في طلب العلم). ويعجزهن الحياء عن التصريح فيلجأن للكناية!

    كان من شأن الصحابيات استخدام الكناية عند السؤال عمّا يستحى منه، أو رفع الشكوى في أمر خاص إلى من يفصل فيها، ما دام القاضي أو المفتي حصيفاً يفهم ذلك، ومن ذلك ما ورد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: أنكحني أبي امرأة ذات حسب، فكان يتعاهد كَنَّتَهُ فيسألها عن بعلها، فتقول: نعم الرجل من رجل لم يطأ لنا فراشاً، ولم يَفْتش لنا كَنَفاً مذ أتيناه! فلما طال ذلك عليه ذَكَر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ألقني به» (أخرجه البخاري ومسلم).

    ومن ذلك أيضاً ما حدث مع الإمام أبي حنيفة، فقد روي أن امرأة جاءت إلى حلقة أبي حنيفة رحمه الله وألقت إليه بتفاحة جانبها أحمر وجانبها الآخر أصفر، فلم يتكلم الإمام ودعا بسكين ثم شقّ التفاحة إلى نصفين ودفعها إلى المرأة، فشكرته وانصرفت، وتعجّب تلاميذ الإمام من الموقف الذي حدث أمامهم، فأخبرهم الإمام أنّ المرأة جاءت تسأل عن حيضها وأنها ترى الدم أحمر تارةً وأصفر تارةً أخرى، فمتى تطهُر؟ فكان تصرُّف الإمام معناه أنها تطهُر إذا رأت القصة البيضاء مثل قلب التفاحة!

    ولخطاب الأجنبي حدود وضوابط:

    وأما الهيئة والطريقة التي ينبغي للمرأة أن تكون عليها إذا خاطبت أجنبياً، فقد بيّنها الله عزّ وجلّ بأوضح عبارة في كتابه العزيز، حيث قال عزّ وجلّ: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إنِ اتَّقَيْتُ نَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْل ِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْروفاً} [الأحزاب:32]، قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية: "هذه آداب أمر الله تعالى بها نساء النبيّ صلى الله عليه وسلم، ونساء الأمة تبعٌ لهن في ذلك"، قال السدّي وغيره: "يعني بذلك ترقيق الكلام إذا خاطبن الرجال؛ ولهذا قال: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}، أي: دغل"، {وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْروفاً}: قال ابن زيد: "قولاً حسناً جميلاً معروفاً في الخير".

    ومعنى هذا: أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم، أي: لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها(ابن كثير: تفسير القرآن العظيم؛ ج/3، ص: [453])، وجاء في تفسير هذه الآية في (التحرير والتنوير):

    "فرعٌ على تفضيلهن وترفيع قدرهن؛ إرشادهن إلى دقائق من الأخلاق قد تقع الغفلة عن مراعاتها لخفاء الشعور بآثارها، ولأنها ذرائع خفية نادرة تفضي إلى ما لا يليق بحرمتهن في نفوس بعض ممن اشتملت عليه الأمة، وفيها منافقوها. وابتدئ من ذلك بالتحذير من هيئة الكلام، فإن الناس متفاوتون في لينه، والنساء في كلامهن رِقّة طبيعية، وقد يكون لبعضهن من اللطافة ولين النفس ما إذا انضم إلى لينها الجبلي قربت هيئته من هيئة التدلل؛ لقلة اعتياد مثله إلا في تلك الحالة.

    والخضوع: حقيقته التذلل، وأطلق هنا على الرِّقة لمشابهتها التذلل، وقوله عزّ وجلّ: {تَخْضَعْنَ بِالْقَوْل ِ}، أي تجعلنه خاضعاً ذليلاً، أي رقيقاً متفككاً. والنهي عن الخضوع بالقول إشارة إلى التحذير مما هو زائد على المعتاد في كلام النساء من الرِّقة، وذلك ترخيم الصوت، أي ليكن كلامكن جزلاً.

    وعطف {وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْروفاً} على لا تخضعن بالقول بمنزلة الاحتراس لئلا يحسبن أن الله كلفهن بخفض أصواتهن كحديث السرار.

    والقول:
    الكلام، والمعروف: هو الذي يألفه الناس بحسب العرف العام، ويشمل القول المعروف هيئة الكلام، وهي التي سيق لها المقام، ويشمل مدلولاته أن لا ينتهرن من يكلمهن أو يسمعنه قولاً بذيئاً من باب: فليقل خيراً أو ليصمت. وبذلك تكون هذه الجملة بمنزلة التذييل لما قبلها" (محمد الطاهر بن عاشور؛ التحرير والتنوير، تفسير سورة الأحزاب: [32]).

    فتنة لا بد من الانتباه لها عند مخاطبة العلماء والدعاة أختي المسلمة؛ إنّ محبتنا واعتزازنا بعلمائنا وإخواننا من الدعاة العاملين لنصرة دين الله فرعٌ عن محبتنا لله عزّ وجلّ، وهو أمر طيب أقرّه الله تعالى، حيث قال: {وَالْمُؤْم ِنُونَ وَالْمُؤْم ِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء ُ بَعْضٍ يَأْمُرُون َ بِالْمَعْر ُوفِ وَيَنْهَوْ نَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُو نَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُون َ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُو نَ اللَّهَ وَرَسُولَه ُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُ هُمُ اللَّهُ إنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة:71] قال ابن كثير: "{بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء ُ بَعْضٍ}، أي: يتناصرون ويتعاضدون، كما جاء في الصحيح: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً»وشبك بين أصابعه. وفي الصحيح أيضاً: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر» (الحافظ ابن كثير: تفسير القرآن العظيم؛ ج2، ص: [356]).

    فغاية هذه المحبة الولاء والمناصرة والتأييد، وليس بالتعبير عنها مشافهة أبداً، كأن تتصل امرأة مسلمة بعالم أو بأحد الدعاة لتخبره على الملأ (وبمنتهى النية الطيبة) أنها تحبه في الله! فهذا مما لا يرضاه الله عزّ وجلّ، ويخالف أدب المسلمة وحياءها اللائق بها فأجلّي نفسك أختي الحبيبة عن هذه الرعونات والتصرفات الطائشة، والتزمي ما زينك الله به من الأدب وال*****.

    وإليكِ أختي المسلمة بعض النصائح والتوجيهات المتعلقة بأدب وفقه السؤال، لعل الله أن ينفعك بها:

    - إذا لم تعرفي أمور دينك فلا تترددي في السؤال حتى لو كانت المسألة محرِجة بالنسبة لك، وتذكري قول الله تعالى: {فَاسْأَلُو ا أَهْلَ الذِّكْرِ إن كُنتُمْ لا تَعْلَمُون َ} [الأنبياء:8].

    - لا بد من أن تكون لديكِ حاجة حقيقية للسؤال، وليس من باب الاستهتار وإضاعة الوقت، خاصةً بعدما أصبح التواصل مع الشيوخ وأهل العلم ميسوراً، فقد نهينا عن السؤال لغير حاجة، فقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا ما استطعتم، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم»، قال أهل العلم: قوله: «كثرة مسائلهم» يعني عما لم يقع وعما لم يأتِ بيانه في الكتاب المنزل.

    - هناك أنواع من الأسئلة لا فائدة من ورائها قد نهى الشرع عنها فتجنبيها، مثل عدم السؤال عما لا يعني، وما لا فائدة من ورائه، عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ومنعاً وهات، ووأد البنات. وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال» (أخرجه البخاري).

    قال الحافظ ابن حجر رحمه الله عند شرحه قوله صلى الله عليه وسلم: «وكثرة السؤال» ما نصّه: "وقد ثبت عن جمع من السلف كراهتهم تكلف المسائل التي يستحيل وقوعها عادة، أو يندر جداً، وإنما كرهوا ذلك لما فيه من التنطع، والقول بالظن، إذ لا يخلو صاحبه من الخطأ".

    ومن ذلك أيضاً طرح غريب الأسئلة بغرض امتحان الشيوخ لا أكثر، وهذا من سوء الأدب، قال رجل للشعبي: "لقد خبأت لك مسائل!"، فقال: "خبّئه ا لإبليس حتى تلقاه فتسأله عنها!".

    - اكتبي سؤالكِ قبل التوجه به للعالِم بطريقة مرتبة تتضمن سرد التفاصيل المهمة التي تؤدي بتسلسل إلى موطن السؤال، ومحل الاستفتاء؛ فإنّ أسلوب الكتابة أجمع لأفكاركِ، وأبعد عن الانفعال أو الحرج، ومن خلاله توضحين موضوع سؤالكِ -وإن كان ط***اً- من دون أن تقاطعي الشيخ، ولا تحوجيه لكثرة الاستفسار عن التفاصيل المهمة، وإن كنتِ لا تحسنين الكتابة؛ فاطلبي ذلك ممن يُحسنَّ عرض سؤالكِ شفهياً أو كتابةً وتثقين به.

    - ألقي السلام، ثم اعرضي السؤال مباشرة، هكذا.. "السلا م عليكم، ما حكم الله في كذا"... من غير أن تسألي عن صحة الشيخ وأحواله أو غير ذلك من شؤونه.

    - إذا كان السؤال خاصاً (مشكلة زوجية أو عائلية) فلا داعي لعرضه على الهواء، لكن اطلبي رقم الشيخ من الكونترول، وكلميه لاحقاً، وليكن السؤال بعبارة مختصرة، وألفاظ مهذبة، ولتستخدمي الكناية ما أمكن... كما وضحنا آنفاً.

    - إذا كان من الممكن أن يقوم الزوج أو الأخ أو الابن بطرح سؤالكِ نيابة عنكِ، فذلك أفضل، وإذا كان ذلك غير ممكن فاسألي مباشرة ولا تترددي في السؤال.

    وفي الختام؛ تذكري أنّ هذه الضوابط لا تعني أبداً عرقلة المرأة عن البحث والتعلم، فتاريخ أمتنا المسلمة يزدان بنماذج رائعة للمرأة العالِمة الفاضلة، وإلى الآن -بحمد الله تعالى- لم تتوقف المرأة المسلمة عن الاجتهاد والتفوق العلمي متمسكةً بحجابها الكامل، وحيائها وأدبها، لكن هكذا جعل الله التقوى قرينة العلم النافع، كما قال الله عزّ وجلّ: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّم ُكُمُ اللَّهُ} [البقرة من الآية:282].

    أسأل الله لي ولكِ علماً نافعاً، وعملاً صالحاً متقبلاً، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.


    سحر شعير




  4. #24
    مشرف سابق الصورة الرمزية abomokhtar
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    4,025

    01 (2) محتارة بين أن أستمر في وظيفتي أو أن أكمل دراستي، فبم تنصحونني؟


    السؤال
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

    أشكركم على هذا الموقع الهادف والأكثر من رائع..

    مشكلتي هي أني قبلت في وظيفة ولم تعجبني من أول أسبوع، لأن طبيعتها مخالطة رجال عاملين والإشراف عليهم مع كثرة الموظفات العاملات معي بالقسم، ولكن كنت محرجة، فقد جلست مدة ثم نقلت بعد شهرين بواسطة، ولكن المكان الآخر أيضا لم يعجبني، لأني لم أسأل عن طبيعة عملهم قبل أن أنتقل إليه، فقد كنت أريد الهروب فقط من رؤية الرجال، لأني أحسست بأنني قد ضعت، وتشتت تفكيري، وأحرجت من توسطوا لمساعدتي.

    والآن انتقلت إلى قسم أقل اختلاطا، ومرتاحة فيه، ولكن أحيانا أكتئب وأحزن من كثرة النساء معي، وذهبت لأسأل عن النقل للعمل الإداري، ولكن أنا مقيمة ولست مواطنة، ولا يقبل نقلي للقسم الإداري، كما أن الراتب سيكون ضئيلا.

    أتمنى أن أعيد دراسة الثانوية العامة في الفترة المسائية، ولكن عملي في الفترة المسائية ويوميا من الرابعة عصرا للتاسعة ليلا، فكيف أنسق وأنا أشعر بأني منهكة، عدا أن نفسيتي تعبت من الانتقال من مكان لآخر؟

    فكرت بأن أستقيل، ولكن أشعر بالخوف من البطالة، وخائفة أيضا من اتخاذ القرار، وفكرت كثيرا في الأمر، وكل من حولي يقولون ادرسي وأنت في وظيفتك، كما أن إحدى صديقاتي درست وهي موظفة، والآن هي في المرحلة الجامعية، ولا أريد أن يمضي الوقت وتصبح شهادتي قديمة ولا يقبلوني في الدوام المسائي، كما أني أخاف المجازفة.

    ولقد قالت لي إحدى صديقاتي أنني أستطيع أن أدرس عن طريق الانتساب إلى جامعة، ولكن انتهى وقت التسجيل، ولا أعلم هل سيقبلون شهادتي القديمة؟ كما أن تخصصات الانتساب محدودة، لذلك أنا أشعر وكأني في دوامة، فأنا أجمع مبلغا من المال للتقديم على جامعة خاصة، ولكن تذكرت بأني أحتاج إلى أموال من أجل المواصلات والمصروف، حيث أن والدي متقاعد، ولديه زوجة أخرى وأطفال.

    سؤالي هو:

    كيف أتخذ قرارا يغير حياتي، وأنا أريده وأرغب فيه؟ فقد شعرت بنظرة من حولي بأنني ضائعة، ولا أعرف ما أريد، فالقلق والخوف سببا ضياعي.

    كما أنني لاحظت بأنني أتعمق بالتفكير والقلق، ولقد استمررت في وظيفتي هذه بسبب مشورة إحداهن أن أبقي في الوظيفة، ومع مرور الوقت سأتأقلم أو أنتقل، ولكن للأسف ظهرت كالمغفلة، ولا أحسن التصرف، واستشارتها لم تكن في محلها، وأنا أعتقد بأن كل وظيفة فيها سلبيات، وأشعر بأنني عممت على كل الوظائف.

    وفقكم الله لما يحب ويرضى.


    الإجابــة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الأخت الفاضلة/ won حفظها الله.
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

    فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقك لكل خير، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، وأن يوسع رزقك، وأن ييسر أمرك، وأن يجعلك عونًا لأهلك على طاعته ورضاه، وأن يجعلك من سعداء الدنيا والآخرة، إنه جواد كريم.

    وبخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة – فإن قضية اتخاذ القرارات قضية تربوية، الأسرة الواعية المدركة لرسالتها هي التي تحاول أن تدرب أبناءها منذ الصغر على اتخاذ القرارات المناسبة، ودراسة الواقع قبل أخذ أي قرار حتى لا يخرج القرار خاطئًا.

    وهناك أسر مع الأسف الشديد تُهمل هذا الجانب، ويظل الإنسان يعيش في داخل الأسرة لا يفكر في اتخاذ القرار، بل ولا حتى قرارًا بسيطًا، وإنما دائمًا يرجع لوالديه، وبذلك يتم محو شخصيته، وإضعاف قدرته على اتخاذ أي قرار، فإذا ما وصل إلى سن متقدمة، وأراد أن يأخذ قرارًا، فإنه يشعر بعدم القدرة على ذلك.

    فيبدو لي من خلال رسالتك أنك فعلاً ضحية أسرة ما كانت تُعطي أبناءها الفرصة لأخذ القرارات المناسبة، وتحمل المسؤولية عن هذه القرارات، ولذلك أنت الآن مترددة جدًّا، وعاجزة عن أخذ القرار المناسب، ومن هنا فإني سأساعدك على أخذ قرار هذه المرة، على أن تحاولي في المرات الأخرى أخذ قرارات بنفسك، ومن الممكن أن تدخلي إلى مواقع البحث جوجل وغيرها لتكتبي (كيفية اتخاذ القرار) وستجدين هناك - إن شاء الله تعالى – كمًّا طيبًا من المعلومات التي تفيدك في ذلك.

    أتمنى ما دمت الآن أصبحت مستريحة في عملك إلى حد ما ومعك موظفات وأصبح الاختلاط قليلاً، وأنت لا تختلطين بأحد اختلاطًا يتعارض مع الشرع، فأرى أن تواصلي الرحلة في هذا العمل، خاصة وأن أسرتك الآن في أمس الحاجة إلى الراتب الذي تأخذينه من هذا العمل، نظرًا لأن والدك قد أُحيل للتقاعد، وأنتم لستم مواطنين حسبما فهمت من رسالتك.

    فأنا أرى - بارك الله فيك – مواصلة العمل ما دام لا توجد فيه إشكالات شرعية، حتى وإن كان فيه بعض التعب البدني، خاصة وأنك أخبرت في رسالتك أنك مستريحة وأن التعب أصبح قليلاً، وأن قدراتك من الممكن أن تواصلي رحلة العمل بلا مشقة.

    المسألة الثانية، وهي مشكلة اتخاذ القرار في مواصلة الدراسة: أنا أنصحك بما نصحك به أخواتك، بأن تواصلي العمل مع مواصلة الدراسة، نعم ستتعبين، ولكن سترتاحين راحة عظيمة عندما تتحولين من إنسانة تحمل شهادة متوسطة إلى إنسانة جامعية تستطيع أن تتبوأ الصدارة، وأن تحتل مكانًا جيدًا في مؤسستها أو في غيرها من المؤسسات.

    لذا أرى وأميل بقوة إلى تسجيل اسمك في أي جهة علمية تقبلك لمواصلة الدراسة الجامعية، هذا أول شيء أنا أتمناه، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يعينك على ذلك، وأن تواصلي، وأنت ستتعبين مما لا شك فيه قليلاً، ولكنك سوف تستريحين في المستقبل عندما تكونين على رأس عملك، وفي نفس الوقت أيضًا تواصلين رحلة الدراسة، والمسألة كلها في حدود أربع سنوات سوف تجدين نفسك قد تخرجت وأصبحت جامعية، وتصبح لديك فرصة لتحسين وضعك - بإذن الله تعالى – أو البحث عن وظيفة أخرى أفضل مما أنت فيه.

    فإذًا - بارك الله فيك – أقترح مواصلة الدراسة مع مواصلة العمل، خاصة أن العمل يخلو من المحاذير الشرعية، وأن الاختلاط فيه نادر، وأنك تعملين في وسط أخوات مثلك من الفتيات، وفي نفس الوقت حاولي الانتساب إلى إحدى الكليات أو المؤسسات التعليمية التي تتناسب مع ظروفك، حتى تتمكني من تحقيق حلمك الكبير، وتصبحي - كما ذكرت لك – جامعية، وفي نفس الوقت تقومين بمساعدة أهلك في الإنفاق الشهري وقضاء حوائجهم، وبإذن الله تعالى سوف سيأتيك عون من الله سبحانه؛ لأنك ما فعلت ذلك إلا تنفيذًا لأوامره وحرصًا على إكرام أهلك وصيانتهم من ذل السؤال أو التعرض لأي موقف من المواقف المحرجة نتيجة مد اليد إلى الغير.

    أسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يشرح صدرك لاتخاذ القرار المناسب، وأن يعيننا وإياك على طاعته ورضاه، وأن يبارك فيك، وأن يُكثر من أمثالك، إنه جواد كريم.

    هذا وبالله التوفيق.





  5. #25
    مشرف سابق الصورة الرمزية abomokhtar
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    4,025

    01 (2) أعاني من مشكلات في طريقي للمدرسة

    السؤال

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة.
    أنا فتاةٌ صغيرة، لكني أعاني مِن مشاكل عدة:
    أولها: أني ضعيفة الإيمان، ومهما حاولتُ زيادة إيماني فإني لا أستطيع، فأنا أتهاوَن في صلاتي، وأسمع الغناء كثيرًا.
    ثانيًا: شخصيتي غير قوية، وارتكبتُ أخطاء كثيرةً في الماضي، ولا أستطيع إخبار عائلتي بها، مع احتياجي لمعرفتهم؛ ليقفوا بجانبي ويساعدوني فيها!
    ثالثًا: سُمعتي عند بعض الناس سيئةٌ، وأريد تحسينها، وهناك مَن يُريد أن يضرَّني مِن الشباب، يُريدون ضربي، ويُهَدِّدو نني في طريقي وأنا ذاهبة للمدرسة.
    فأخبروني كيف أتصرف؟



    الجواب

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتة.
    بنيتي الفاضلة، ليس هناك أعظمُ ولا أجلُّ ولا أنفع مِن الالتجاء إلى الخالق - سبحانه تعالى؛ فهو العليمُ القادرُ على كل شيءٍ، وهو يقبل التوبةَ عن عباده، مهما بلغتْ ذنوبهم أو كَثُرَتْ، فهو الغفورُ الرحيم. لكن لا بد لك مِن الامتثال لأمره - سبحانه - مِنْ تَرْكٍ للمُحَرَّم ات؛ مثل: سماع الغناء، وإبداله بسماع ما أحلَّ اللهُ؛ مِن قراءة للقرآن، أو سماع الأناشيد المفيدة التي ليس فيها موسيقا، كذلك الإكثار مِنْ ذِكْر الله تعالى؛ ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنّ ُ الْقُلُوبُ﴾ [الرعد: 28]. وكلما اقترب العبدُ مِنْ ربِّه باتِّباع أوامره، وتَرْك نواهيه، وفِعْل النوافل؛ مِن صلاة وصيام وصدقة - كان أقرب لحبِّ الله له؛ ففي الحديث: ((وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحب إليَّ مما افترضتُ عليه، وما يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببتُه كنتُ سَمْعه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألَني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنَّه) ). ولا يشترط - بنيتي الفاضلة - أن تخبري أهلك بما فعلتِه في الماضي مِن أخطاء، لكن مِن الأهمية بمكانٍ أن تخبريهم بمشكلتك مع أصدقائك؛ حتى يقفوا معك، فهم خيرُ معينٍ لك بعد الله - عز وجل. أسأل الله أن يُنَفِّسَ عنك كربتك، ويفرِّج لك همك، ويشرح لك صدرك، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.








  6. #26
    مشرف سابق الصورة الرمزية abomokhtar
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    4,025

    01 (2) كيف أتخلص من الحقد الذي في قلبي ؟

    السؤال

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة.
    أنا فتاةٌ أفقد أعصابي بسهولةٍ أثناء كلامي مع أمي، فأحقد عليها حقدًا كبيرًا؛ بسبب تفريقها بيني وبين أخي، فكيف أتخلَّص من ذلك؟
    هذا أولًا.
    ثانيًا: أنا أحقد على كثيرٍ مِن الناس، خاصة الذين آذوني في صغري، ولا أستطيع نسيان ما فعلوه بي، فعندما أراهم أو أسمع سيرة أحدِهم أتذكَّر كلَّ ما فعلوه فيَّ، ودائمًا أقول لنفسي: سأنتقم منهم جميعًا!
    أصبحتُ أخاف على نفسي مِن نار جهنَّم، ولا أريد أن أخسرَ رضا ربي عني بسبب حقدي هذا.
    وجزاكم الله خيرًا.



    الجواب

    بسم الله الموفق للصواب
    وهو المستعان
    سلامٌ عليك، أما بعدُ: فإنَّ الحقدَ داءٌ دفينٌ؛ يتولد في القلب مِن غضبةٍ وموجدةٍ يجدها المرءُ على آخرين في أمورٍ دنيويةٍ، فيضمر الحاقدُ الشرَّ والعداوةَ في قلبه، متربِّصًا لفرصتها كل حينٍ حتى يتشفى وينتقمَ لنفسه. ويُمكن الاستشفاء من الحقد بأمور، منها: أولًا: الدُّعاء؛ لقوله تعالى: ﴿ وَالَّذِين َ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَ انِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَ انِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10]، وفي الحديث: ((اللهم اسْلُل سَخِيمةَ قلبي)). ثانيًا: صوم ثلاثة أيام مِن كلِّ شهر؛ فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: ((صوم شهر الصبر وثلاثة أيامٍ مِن كل شهرٍ يُذْهبن وَحَر الصدر))، رواه البَزَّار، ورجاله رجالُ الصحيح. ثالثًا: إفشاء السلام؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم: ((أفلا أنبئكم بشيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم))؛ رواه الترمذي، وحسَّنه الألبانيُّ . رابعًا: التواضُع؛ لقول ابن حِبَّان في "روضة العقلاء": "لا يمتنع من التواضع أحدٌ، والتواضع يكسب السلامة، ويورث الألفة، ويرفع الحقد، ويذهب الصد". خامسًا: الصفح والعتاب؛ لقول ابن الرومي:
    الحِقْدُ دَاءٌ دَفِينٌ لَا دَوَاءَ لَهُ
    يبْرِي الصُّدُورَ إِذَا مَا جَمْرُهُ حُرِثَا

    فَاسْتَشْف ِ مِنْهُ بِصَفْحٍ أَوْ مُعَاتَبَة ٍ
    فَإِنَّمَا يُبْرِئ المَصْدُور َ مَا نفثَا
    سادسًا: الهدية؛ لقول البحتري:
    إِنَّ الهَدِيَّة َ حُلْوَةٌ
    كَالسِّحْر ِ تَجْتَلِبُ القُلُوبَا

    تُدْنِي البَعِيدَ مِنَ الهَوَى
    حَتَّى تُصَيِّرَه ُ قَرِيبَا
    سابعًا: تذكُّر فضل الحليم، وأجر سلامة القلب، كما قال إبراهيم - عليه السلام -: ﴿ وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُون َ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 87 - 89]، وعن عبد الله بن عمرٍو قال: قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الناس أفضل؟ قال: ((كل مخموم القلب، صَدوق اللسان))، قالوا: صَدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: ((هو التقي النقي، لا إثم فيه، ولا بغي، ولا غل، ولا حسد))؛ رواه ابن ماجَهْ، وروى أحمدُ عن أنس بن مالكٍ - رضي الله عنه - قال : كنا جلوسًا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((يطلع عليكم الآن رجلٌ مِن أهل الجنة))، فطلع رجلٌ من الأنصار تنطف لحيته مِن وضوئه قد تعلق نعليه في يده الشمال، فلما كان الغد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث قال النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل مقالته أيضًا فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى، فلما قام النبي - صلى الله عليه وسلم - تبعه عبدالله بن عمرو بن العاص فقال: إني لاحَيْتُ أبي، فأقسمتُ ألا أدخل عليه ثلاثًا، فإن رأيتَ أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلتَ، قال: نعم، قال أنسٌ: وكان عبدالله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث، فلم يره يقوم مِن الليل شيئًا، غير أنه إذا تعار وتقلَّب على فراشه ذكَر الله - عز وجل - وكبر حتى يقومَ لصلاة الفجر، قال عبدالله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرًا، فلما مضت الثلاث ليالٍ، وكدتُ أن أحتقرَ عمله، قلتُ: يا عبدالله، إني لم يكن بيني وبين أبي غضبٌ ولا هجرٌ ثَمَّ، ولكن سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لك ثلاث مرارٍ: ((يطلع عليكم الآن رجلٌ مِن أهل الجنة))، فطلعت أنت الثلاث مرارٍ، فأردتُ أن آوي إليك لأنظر ما عملك فأقتدي به، فلم أرَك تعمل كثير عملٍ، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما هو إلا ما رأيت! قال: فلما وليت دعاني، فقال: ما هو إلا ما رأيت؛ غير أني لا أجد في نفسي لأحدٍ مِن المسلمين غشًّا، ولا أحسد أحدًا على خيرٍ أعطاه الله إياه، فقال عبدالله: هذه التي بلغت بك، وهي التي لا نطيق! ثامنًا: قراءة سير الحلماء، وكان ممن اشتهر بالحلم الأحنف بن قيس، "ومن حكاياته الدالة على كرَم نَجْره القاضية له بتضعيف أجْرِه؛ أنَّ رجلًا جعل له ألف درهم على أن يغضبه، فوقف الرجل وبالَغ في سبِّه، والأحنف يُعرض عنه غير مكترثٍ به، فلما رآه لا ينظر إليه ولا يرد عليه، أقْبَل يعضُّ أنامله ويقول: واسَوْءَتا ه! والله ما يمنعه من جوابي إلا هواني عليه"؛ ]غُرَر الخصائص الواضحة للوطواط[، وكذلك حكايات شيخ الإسلام ابن تيميَّة الحرَّاني مع أعدائه وخُصومه، حتى شهد له بذلك ألَدُّ خصومه ابن مخلوف قاضي المالكية حين قال: "ما رأينا مثل ابن تيميَّة؛ حرَّضنا عليه فلم نقدرْ عليه، وقدر علينا فصفح عنا وحاجج عنا"؛ [البداية والنهاية، لابن كثير]. تاسعًا: ذكر الموت؛ فعن الحسن قال: قيل للربيع بن خثيم: يا أبا عبدالله، لو جالستنا! فقال: "لو فارق ذِكْرُ الموت قلبي ساعةً فسد عليَ"، [بغية الطلب؛ لابن العديم]. عاشرًا: الصدقة؛ لقوله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِه ِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُه ُمْ وَتُزَكِّي هِمْ بِهَا﴾ [التوبة: 103].
    والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب







  7. #27
    مشرف سابق الصورة الرمزية abomokhtar
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    4,025

    01 (2) هل أحلام اليقظة تغضب الله؟ وكيف أخفف منها؟


    السؤال
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أود أن أشكركم على هذا الموقع الأكثر من رائع، والذي أفادني، ومما لا شك فيه أنه أفاد إخواني وأخواتي أيضاً، وجعله الله في ميزان حسناتكم، وجمعنا بكم في الفردوس الأعلى من غير حساب، ولا سابق عذاب.

    أنا فتاة عمري 17 عاما، مشكلتي أني أعاني كثيراً من أحلام اليقظة، فأنا لا أنفك أحلم وأتخيل، والغريب أن هذه الأحلام تراودني أكثر عندما أهم بالخلود إلى النوم، فأنا أتخيل مثلاً فتى من نسج خيالي، وأتخيل أنه يحبني أو أننا تشاجرنا مثلاً، هذا الشيء يؤرقني كثيراً، ولا أعلم إن كان يرضي الله أم لا، أنا حائرة ولا أريد أن أكون هكذا، أريد أن يمتلئ قلبي بحب الله، ولا أريد أن يغضب الله عليّ.

    آسفة للإطالة عليكم، أتمنى أن تجيبوني، وجزاكم الله كل خير، ونفع بكم الأمة الإسلامية.




    الإجابــة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الأخت الفاضلة/ asma حفظها الله.
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

    يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يوفقك في دنياك وآخرتك، إنه جواد كريم.

    وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة–، فإن أحلام اليقظة في مرحلتك السنية هذه أمر طبيعي، هذه المرحلة من مراحل الشباب تتسع فيها دائرة أحلام اليقظة جدًّا، حتى إنها لتكاد أن تصل إلى استغراق الوقت كله، وجود أحلام اليقظة علامة صحية، أما الإكثار منها فيحتاج إلى نوع من المقاومة، لأنها قد تضيع عمرك كله فيما لا يعود عليك بالنفع لا في أمر دينك ولا دنياك، فبعض الناس قد يستمر لساعات طوال وهو مستغرق في أحلام اليقظة، وبعد أن ينتهي منها يشعر بأنه مستريح، لأنه حقق في نومه ما لا يستطيع أن يحققه في اليقظة والحقيقة، ومن هنا فإن أحلام اليقظة هي كما ذكرت هي نوع من التنفيس عن نفسية الإنسان، خاصة إذا كانت لديه أمور لا يستطيع أن يحققها في الواقع، فإنه يلجأ إلى أحلام اليقظة ليحقق ما يريده وما يتمناه بسهولة ويسر.

    بعض هذه الأحلام قد تتحول إلى واقع، وقد تتحول إلى حقيقة، ولعل كثير من العلماء العباقرة بدأت عبقريتهم بنوع من أحلام اليقظة الذي صار واقعًا، وأصبح نافعًا للناس جميعًا، فمعظم المخترعين الكبار كانوا يعيشون أحلامًا يقظة موسّعة، ولكنها كانت مفيدة وهادفة.

    أما الذي أنت تتكلمين عنه الآن فهو نوع من أنواع التلبيس، فإنك الآن تنسجين من خيالك فتىً تحبينه ويحبك، ويحدث بينك وبينه ما يحدث في الحياة العادية من المحبة والمودة، والقرب والبعد والخلاف وغير ذلك، وهذا في الغالب يكون متناسبًا مع سنك، إلا أني أتمنى ألا تستمري في هذه الأحلام كثيرًا، لأنها قد تضر بمستقبلك، وفعلاً قد تؤثر على علاقتك بالله تعالى، لأنك تقضين أوقاتًا في غير ما فائدة، المهم أنك كأنك تتخاطبين مع نفسك وتعيشين في داخل نفسك حياة وردية بعيدًا عن المشاكل، ثم بعد ذلك تصطدمين بالواقع، لتجدي أن ساعات طوال قد مرت من حياتك دون أي فائدة تُذكر، ولذلك أقول: لا مانع من وجود أحلام اليقظة، ولكن ينبغي أن تُحددي لها حدًّا معينًا، بمعنى أن تكون ساعة أو ساعتين، أما أن تستمر أكثر من ذلك فأرى أن ذلك خطرًا، وأن تكون في أشياء هادفة مفيدة.

    وعليك للتخلص من الآثار المترتبة عليها خاصة عند النوم –كما ذكرتِ–، فعليك بالمحافظة على الوضوء قبل النوم، كذلك المحافظة على أذكار النوم، وأن تنامي على شقك الأيمن، وأن تظلي تذكرين الله تبارك وتعالى حتى تغيبين عن الوعي، بذلك -إن شاء الله تعالى– سوف تجدين نوعًا من السكينة، ونوعًا من الطمأنينة في نومك، وأيضًا ستكونين أكثر على مقاومة تلك الأحلام في اليقظة، فهي قد تتحول إلى حالة مرضية إذا أطلقنا لها العنان ولم نقف في وجهها، هي مفيدة عندما يعاني الإنسان من بعض الكبت في واقع الحياة، أو عندما يعجز عن تحقيق بعض الأمور، أما لو زادت عن حدها فإنها تعتبر حالة مرضية، خاصة وأنها تضيع بعض العبادات والطاعات.

    فيما يتعلق بالحل والحرمة، فهي ليست حرامًا، لأنها نوع من حديث النفس، ولكن الحرام فيها إنما هو تضييع الوقت بلا أي فائدة، وقد يكون هذا وقت صلاة، أو كان من الممكن أن نستغل هذا الوقت في شيء نافع في قراءة القرآن، أو الأذكار أو الدراسة أو المذاكرة أو غير ذلك، أو طلب العلم الشرعي، أو التركيز على التميز العلمي، فهي في هذه الحالة قد يكون هذا خطرها، أما كونها هل هي حرام أو حلال؟ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم– قال: (لا يؤاخذكم الله بما حدثتم به أنفسكم) وهذه نوع من حديث النفس، فليس فيها شيء من ناحية الحرمة، ولكن كما ذكرتُ خطرها أنها تشغلك عن ذكر الله تعالى، وعن الصلاة، وعن الأشياء المهمة التي أنت في حاجة إليها.

    إذًا -بارك الله فيك– أتمنى أن تضيقي مساحتها، وأنت قادرة على ذلك، لأنها فقط تحتاج إلى قرار، وحاولي، في الأول قد يكون الأمر فيه بعض المشقة، ولكن مع تكرار المقاومة -بإذن الله تعالى– سوف تتحسن حالتك، وسوف تضيقينها إلى أبعد حد، حتى لا تعطل حياتك، ولا تؤثر على علاقتك مع الله تعالى، أو علاقتك مع نفسك، أو المجتمع.

    أسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، إنه جواد كريم، هذا وبالله التوفيق.





  8. #28
    عضو الصورة الرمزية حلم الحياة
    تاريخ التسجيل
    Jun 2013
    المشاركات
    1,052

    افتراضي رد: كيف تسألين أهل العلم

    بارك الله بمجهودك استاذى ..
    اسأل الله ان يكون عملك بميزان حسناتك
    تحياتى لحضرتك

    عجبـــــآ لــمــا يحـــــدث لــنــا
    فكلمــا
    أقتـربنـا مـن شخـص فـارقـناه
    وكلمــا
    أحببنــا شــيء فقــــــــ ــــــدنـا ه
    وكلمــا
    أبتسمنــا أبكتنـــا الحيــــــ ــــــــــ ـاه




صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123

المواضيع المتشابهه

  1. نص فضل العلم والعمل
    بواسطة مستر احمد يحيى في المنتدى اللغة العربية
    مشاركات: 29
    آخر مشاركة: 07-01-2016, 11:14 AM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •