المناهج الجديدة 2018 / 2019 :

الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا، لا إله إلا الله وحدهُ، صدق وعدهُ ونصر عبدهُ وأعز جندهُ وهزم الأحزاب وحدهُ، لا إله إلا الله ولا نعبدُ إلا إياهُ، مُخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم صلِ على سيدنا محمدٍ، وعلى آل سيدنا محمدٍ، وعلى أصحاب سيدنا محمدٍ، وعلى أنصار سيدنا محمدٍ، وعلى أزواج سيدنا محمدٍ، وعلى ذرية سيدنا محمدٍ، وسلم تسليمًا كثيرً **** كل عام وجميع الأمة الإسلامية بخير

facebook

النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الحديث الضعيف بسبب الطعن في الراوي

  1. #1
    مشرف سابق الصورة الرمزية abomokhtar
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    4,025

    01 (2) الحديث الضعيف بسبب الطعن في الراوي

    الحديث الضعيف بسبب الطعن في الراوي (1)



    يندرج تحت هذا القسم أنواع أيضًا، وقبل بيان هذه الأنواع لابد أن نتذكر أن أسباب الطعن في الراوي ترجع إلى: تخلف أحد شرطين من شروط الحديث المق***، وهما: العدالة والضبط، وهي عشرة أسباب؛ خمسة منها تتعلق بالعدالة، وخمسة تتعلق بالضبط. أما التي تتعلق بالطعن في العدالة فهي: الكذب، والتُهمة بالكذب، والفسق، و البدعة، والجهالة (جهالة العين). وأما التي تتعلق بالطعن في الضبط فهي: فُحش الغلط، وسوء الحفظ، والغفلة، وكثرة الأوهام، ومخالفة الثقات. وإليك بيانها بمزيد من التوضيح: أولًا: الموضوع: وسببه: كذب الراوي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحديثه يسمى: (الموضوع) وهو أشد الأحاديث ضعفًا، ومن قبح هذا النوع، من أهل العلم من جعله قسمًا مستقلًا، لا مع أنواع الحديث الضعيف. والموضوع: هو الكذب المختلق المصنوع المنسوب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[1]. مثاله: ما رواه أبو نُعيم من طريق محمد بن زياد عن ميمون بن مهران عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِيْ إِذَا صَلَحَا صَلَحَ النَّاسُ: الأُمَرَاء ُ وَالفُقَهَ اء ". فهذا الحديث سنده موضوع، (محمد بن زياد) قال عنه الإمام أحمد - رحمه الله -: " كذّاب أعور يضع الحديث ". مثال آخر: ما رواه ابن عدي في الكامل من طريق عمرو بن زياد بن عبدالرحمن بن ثوبان، حدثنا ابن المبارك عن يحي بن أيوب عن عبيدالله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة - رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم قال: " مَنْ نَظَرَ إِلَى مَحَاسِنِ امْرَأةٍ فَغَضَّ بَصَرَهُ فِي أَوْلِ نَظْرَةٍ، رَزَقَهُ الله – تعالى- عِبَادَةً يجَِدُ حَلَاوَتهَ ا فِي قَلْبِه ". قال ابن عدي - رحمه الله - عن (عمرو بن زياد ): " منكر الحديث، يسرق الحديث، ويُحدِّث بالبواطيل ". وقال الدراقطني - رحمه الله -: " يضع الحديث ". حكم الموضوع: لا تجوز رواية الموضوع، إلا مع بيان وضعه، أي: على وجه التحذير منه، أما ر****ه مطلقًا، فمحرمة بالإجماع، وهي من كبائر الذنوب؛ لما جاء في الصحيحين قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:" مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّد ًا فَلْيَتَبَ وَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ". كيف يُعرَف الحديث الموضوع: يعرف بعدة علامات منها: 1- إقرار واضعه بالوضع، كما أقرَّ أبو عصمة نوح بن أبي مريم، بأنه وضع في فضائل سور القرآن سورة سورة، وضعها عن ابن عباس - رضي الله عنهما-. 2- إخبار الأئمة بأن حديثه موضوع. 3- وجود قرينة قوية تدل على الوضع، والقرينة قد تكون في الراوي، كأن يكون رافضيًّا، والحديث في فضائل أهل البيت، أو في التاريخ، كأن يحدث الراوي عن شيخ وتكون وفاة الشيخ قبل مولد الوضَّاع، ولا يُعرف هذا الحديث إلا عنده، وقد تكون القرينة في الحديث، كأن يكون ركيك اللفظ، أو فاسد المعنى؛ لمخالفته للفطرة السليمة، أو العقل، أو صريح الكتاب والسنّة. 4- أن يكون أحد رواة الحديث كذابًا معروفًا بالكذب على النبي -صلى الله عليه وسلم. من أسباب وضع الحديث: 1- التقرب إلى الله -تعالى- بوضع الحديث ترغيبًا للناس في الخير، وترهيبًا لهم من الوقوع في الشر، بحسن نيه، ولذا يقول أحدهم: " أنا لا أكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - و إنما أكذب له " وهذا من شدة جهله، ومن ذلك ما فعله ميسرة بن عبد ربه (الوضَّاع) حين وضع أربعين حديثًا في فضائل قزوين، وكان يقول: " إني أحتسب في ذلك " وقال مرة لما قيل له في وضع الأحاديث: " وضعتها أرغب الناس "[2]. 2- قصد الوضَّاع افساد الدين على أهله، وتشكيكهم فيه، كما صدر من بعض الزنادقة، ومن ذلك: ما جاء عن ابن أبي العوجاء، لما أُتي به إلى محمد بن سليمان بن علي، فأمر بضرب عنقه، فلما أيقن بالقتل قال: "والله لقد وضعت فيكم أربعة ألاف حديثٍ، أحرم فيها الحلال، وأحل فيها الحرام، لقد فطرتكم يوم صومكم، وصومتكم يوم فطركم ". 3- التعصب لرأي، أو مذهب، كما فعلته الرافضة في وضع أحاديث في آل البيت، كقولهم: "علي خير البشر من شك فيه كفر"، أيضًا غيرهم من المبتدعة، وروي عن رجل من أهل البدع رجع عن بدعته أنه قال: "انظروا هذا الحديث عمن تأخذون، فإنا كنا إذا رأينا رأيًا جعلنا له حديثًا"، وربما يكون التعصب ممن سلمت عقيدته، كالحنفي الذي ذم مذهب الشافعي، فقال قال النبي - صلى الله عليه وسلم - " يكون في أمتي رجل يقال له: محمد بن إدريس الشافعي، هو أضر على أمتي من إبليس ورجل يقال له أبو حنيفة هو سراج أمتي ". 4- قصد التكسب، وطلب المال، والتزلف للحاكم. كما وقع لـ (غياث بن إبراهيم) حين دخل على الخليفة المهدي، فوجده يلعب بالحمام، فساق إسنادًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "لا سَبَقَ إِلا فِي نَصْلٍ، أَوْ حَافِرٍ، أَوْ خُفٍّ " فوضع في الحديث الصحيح زيادة " أو حمام " لأجل أنه مع الخليفة حمام، فعرف المهدي أنه كذب لأجله، فذبح الحمام. وأحيانًا يكون الوضع من أجل التكسب، وطلب الرزق، كمن يريد تصريف بضاعته، فيضع حديثًا في فضلها كحديث: " الهريسة تشد الظهر "، وحديث: " المؤمن حلو يحب الحلاوة ومن حرمها على نفسه فقد عصى الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - لا تحرموا نعم الله والطيبات ". ولكن كان لهؤلاء الوضَّاعين من الجهابذة ممن ردَّ وضعهم وكشف زيفهم منافحين عن سنة النبي -صلى الله عليه وسلم. من أشهر المؤلفات في الموضوعات: كتاب: (الموضوعات) لابن الجوزي، وهو أقدم المؤلفات في هذا الباب لكنه أحيانًا ينسب أحاديث للوضع وليست كذلك ولذا انتقده العراقي و ابن حجر وغيرهما واختصره الذهبي في مجلد واحد، واختصره السيوطي أيضًا و تعقبه وزاد عليه في كتابه: (الآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة)، واختصر ابن عراق الكِناني كتاب الموضوعات والآلئ المصنوعة في كتاب هو أجدر أن يقتنى اسمه: (تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة)، وكذلك (المنار المُنِيْف) لابن قيم الجوزية وفيه قواعد وضوابط مفيدة. ثانيًا: المتروك: وسببه: اتهام الراوي بالكذب، فيسمى " متروك ". تعريفة: هو الحديث الذي في إسناده راوٍ متهم بالكذب، وهو أشر أنواع الضعيف فليس بعده إلا ما هو أشر منه وهو الموضوع. ويصفه العلماء "ضعيف جدًا" أي أنه غير صالح أن يكون شاهدًا يصلح للاعتبار. مثاله: ما رواه الدراقطني من طريق عمرو بن شَمِر عن جابر بن يزيد عن أبي الطفيل عن علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر - رضي الله عنهما - قالا: " أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يقنت فِي الْفجْر، وَكَانَ يكبر يَوْم عَرَفَة صَلَاة الْغَدَاة ويقطعها صَلَاة الْعَصْر آخر أَيَّام التَّشْرِي ق". قال النسائي والدراقطني - رحمهما الله - وغيرهما عمرو بن شَمِر: " متروك الحديث "، وكذا قال عنه الحافظ بن حجر- رحمه الله -[3]. تنبيه: المعروف أن لفظ (متروك) يطلق على الراوي، لا على الحديث وهذا هو المشهور عند أهل الحديث أنهم يقولون عن الرجل: (متروك الحديث)، ولا يقولون: (حديث متروك) وإنما يقولون: حديث ضعيف جدًا فيه فلان متروك الحديث. ثالثا: المُنْكَر: وسببه: فُحش الغلط عند الراوي، أو فسقه، أو كثرة غفلته، واختُلِف في تعريف المنكر بعدما اتفق الأئمة على جعل المنكر من أنواع الضعيف، وقالوا في تعريف المنكر تعريفات متعددة أشهرها اثنان:- قيل: هو الحديث الذي في إسناده راوٍ فَحُش غلطه، أو كثرت غفلته، أو ظهر فسقه.وهومن التعريفات التي ذكرها الحافظ ابن حجر - رحمه الله - ولم يعتمده وإنما اعتمد الثاني. وقيل: هوما رواه الضعيف مخالفًا لما رواه الثقة. ومثاله على هذا التعريف: ما رواه ابن أبي حاتم: من طريق حُبَيِّب بن حَبِيَّب الزيَّات عن أبي إسحاق العَيْزار بن حُرَيْث عن ابن عباس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" مَنْ أَقَامَ الصَّلاةَ، وَآتَى الزَّكَاةَ ، وَحَجَّ الْبَيْتَ، وَصَامَ رَمَضَانَ، وَقَرَى الضَّيْفَ دَخَلَ الْجَنَّةَ ". قال أبو حاتم - رحمه الله -: " هو منكر؛ لأن غيره من الثقات رواه عن أبي إسحاق موقوفًا وهو الراجح"[4]. تنبيه: هناك تعريفات أخرى للمنكر منها: أنه ما انفرد به الضعيف، حتى لولم يخالفه أحد، ومثاله: ما رواه النسائي وابن ماجه من رواية أبي زُكير يحي بن قيس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال " كلوا البَلَحَ بالتَّمْرِ ، فإنَّ ابنَ آدمَ إذا أكلَهُ غَضِبَ الشيطانُ"، قال النسائي - رحمه الله -: " حديث منكر تفرد به أبو زُكير " وكذا قال الحاكم[5]. و منهم من جعل المنكر في تفرد الثقة، والأشهر عند المحدثين هو ما اختاره ابن حجر - رحمه الله -: أنه ما رواه الضعيف مخالفًا لما رواه الثقة، ولذا يقول السيوطي في ألفيته: المنكر الذي روى غير الثقة مخالفًا في نخبة قد حققه[6]. فائدة: ضد المنكر: المعروف: وهو ما رواه الثقة مخالفًا لما رواه الضعيف.

    [1] انظر تدريب الراوي ( 1/274).

    [2] انظر تاريخ بغداد (31/222)، لسان الميزان (7/198).

    [3] انظر: تلخيص الحبير (2/93).

    [4] انظر: نزهة النظر ص (99).

    [5] انظر: معرفة علوم الحديث ص (100).

    [6] انظر: تحقيق الرغبة لشيخنا عبدالكريم الخضير - حفظه الله - ص (77).






    الشيخ عبدالله بن حمود الفريح



  2. #2
    مشرف سابق الصورة الرمزية abomokhtar
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    4,025

    افتراضي رد: الحديث الضعيف بسبب الطعن في الراوي

    الحديث الضعيف بسبب الطعن في الراوي (2)


    رابعًا: الشاذ: تعريفه: وهو ما رواه المق*** مخالفًا لمن هو أولى منه، وقيل في تعريف الشاذ أقوال أخرى، ولكن هذا الذي اختاره ابن حجر - رحمه الله - وعليه جماعة من أهل الحديث المتأخرين. أي هو ما رواه العدل سواء كان تام، أو خفيف الضبط، وخالف فيه من هو أولى منه. والأولوية على نوعين: 1- أولوية جمع: وهي أن يخالف المق*** جمعًا من المق***ين، فإنه حينئذ لا تقبل ر****ه؛ لأنه خالف جمعًا من المق***ين. 2- أولوية قوة: وهي أن يخالف المق*** من هو أولى منه في الق***، كأن يخالف الصدوق من هو أولى منه، فيخالف الثقة مثلًا، أو كأن يخالف الثقة من هو أوثق منه، كأن يخالف الثقة الثبت، قوي الحفظ. مثاله: حديث: " مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَة ِ التَّامَّة ِ وَالصَّلَا ةِ الْقَائِمَ ةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَ ةَ وَالْفَضِي لَةَ وَابْعَثْه ُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ .. " في آخره زيادة "إنك لا تخلف الميعاد ". وهذه الزيادة تفرد بها محمد بن عوف الحمصي، وخالف فيها جمع الثقات وهم كما يلي: أحمد بن حنبل ومحمد بن إسماعيل كما عند الترمذي. وإبراهيم بن يعقوب كما عند الترمذي. ومحمد بن يحي الذهلي كما عند ابن ماجه. وأبو زُرْعة الدمشقي كما في شرح معاني لآثار. وموسى بن سهل الرملي كما عند ابن خزيمة. ومحمد بن جعفر كما عند ابن ماجه. والعباسي بن وليد الدمشقي كما عند ابن ماجه. وعمرو بن منصور كما عند النسائي. والحديث رواه البخاري دون هذه الزيادة، وهؤلاء عشرة اتفقوا على عدم وجود هذه الزيادة، وهذا يدل على ضبطهم، ووهمه هو في هذه الزيادة، فالزيادة شاذة. وينقسم الشاذ إلى قسمين: 1- القسم الأول: شذوذ في المتن: ومثاله الذي تقدم وفيه " إنك لا تخلف الميعاد " شاذة. 2- القسم الثاني: شذوذ في السند: ومثاله: ما رواه يعلى بن عبيد عن سفيان الثوري عن عمرو بن دينار عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " الْبَيِّعَ انِ بِالْخِيَا رِ مَا لَمْ يَتَفَرَّق َا " الحديث. هكذا رواه يعلى بن عبيدالله عن سفيان الثوري أنه: عن (عمرو بن دينار) وخالف يعلى بن عبيد الله جماعة من أصحاب سفيان الثوري أنه عن: (عبدالله بن دينار) وليس (عمرو بن دينار). وبناءً عليه فرواية يعلى بن عبيدالله شاذة. حكم الشاذ: الشاذ من أنواع الضعيف، فهو مردود، وسبب ضعفه: طعن في الراوي، وسبب ذلك: مخالفة الثقات، وتقدم أن هذا من أسباب الطعن في الضبط. فائدة: ضد (الشاذ ): (المحفوظ) وهو ما رواه الأوثق مخالفًا لرواية الثقة. خامسًا: المُعَلَّل : إذا كان سبب الطعن في الراوي هو (الوهم) فإن حديثه يسمى: حديث مُعَلَّل. تعريف المُعَلَّل : هو الحديث الذي اُطُّلِعَ فيه على علَّة تقدح في صحته، مع أن الظاهر السلامة منها[1]. ومن خلال التعريف نعرف أن العلة سبب غامض خفي، يقدح في صحة الحديث، والسبيل لمعرفة هذه العلة، ليس أمرًا سهلًا هينًا؛ لأنها دقيقة غامضة، لا يدركها إلا الجهابذة الحفاظ، وأصحاب الخبرة، ومن سار على نهجهم، ولذا لم يتكلم عن هذا النوع إلا القليل من الأئمة: كابن المديني، وأحمد بن حنبل، والبخاري، وأبي حاتم، والدارقطني . لأن معرفة العلة تطلب من الناقد جهدًا من عدة وجوه، وتأمل ما قاله الخطيب البغدادي - رحمه الله - حيث قال: " السبيل إلى معرفة علة الحديث أن يجمع بين طرقه، وينظر في اختلاف رواته، ويعتبر بمكانهم من الحفظ، ومنزلتهم من الإتقان والضبط "[2]. وقال يحي بن معين - رحمه الله -: " لولم نكتب الحديث من ثلاثين وجهًا ما عقلناه "[3]. ونقل ابن حجر عن العلائي - رحمهما الله - أنه قال: " إن هذا الفن أغمض أنواع علوم الحديث، وأدقها مسلكًا، ولا يقوم به إلا من منحه الله فهمًا غائضًا، واطلاعًا حاويًا، وإدراكًا لمراتب الرواة، ومعرفة ثاقبة، ولهذا لم يتكلم فيه إلا أفراد أئمة هذا الشأن وحذاقهم، وإليهم المرجع في ذلك "[4]. وعلم العلل يعتبر من أشرف أنواع علوم الحديث، وأرفعها منزلة؛ لأنه لا يخوضه إلا القليل، فجهابذة هذا العلم لا يحكمون على حديث بأنه معلَّل، أو معلول إلا بعد دلائل، وقرائن، وتأمل عميق، ثم ترجيح. وتقع العلة في الإسناد وهو الأكثر، وتقع في المتن أيضًا، وهو الأقل، وتقع أيضًا في المتن والسند. مثاله: حديث بقية عن يونس عن الزهري عن سالم عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَة ِ أَوْ غَيْرِهَا فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ " رواه النسائي وابن ماجه. قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن هذا الحديث فقال: هذا خطأ في المتن والإسناد، إنما هو الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة- رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلاةٍ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَها " متفق عليه، وأما قوله في" صلاة الجمعة " فليس في الحديث فَوَهْم في كليهما"[5]. تنبيه: قد يطلق بعض المحدثين لفظ العلة، أو هذا الحديث معلول بثلاث علل ونحوها من الألفاظ، وهم لا يريدون هذا النوع من الحديث، وإنما يطلقونها على أي طعن موجه للحديث، ففرق بين الأمرين. سادسًا: المُدرج: تعريفه: هو أن يذكر في إسناد الحديث، أو متنه ما ليس منه بلا فصل. ومن خلال التعريف نعرف: أن الإدراج يكون في السند، ويكون في المتن. أولًا: إدراج في الإسناد: وهو أن يُدخل الراوي في السند ما ليس منه بلا فصل. له عدة صور: ومن صوره أن يذكر الراوي الإسناد، فيعرض له عارض، فيقول كلامًا من عند نفسه، فيظن من يسمعه أن هذا الكلام تبعًا للإسناد الذي يذكره، فيرويه عنه كذلك. مثال: ما وقع لـ (ثابت بن موسى الزاهد): أنه دخل على شَرِيْك القاضي وهو يقول: حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدخل ثابت على شَرِيْك وهو يحدث، فلما نظر شَرِيْك إلى ثابت قال: " من كثرت صلاته بالليل حَسُن وجهه بالنهار" يقصد بذلك ثابت، فظن ثابت أنما قاله حديثًا للسند الذي سمعه منه، فكان يحدث بهذا الإسناد. ثانيًا: إدراج في المتن: وهو أن يدخل الراوي في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم – ما ليس منه بلا فصل. وإدراج المتن على ثلاثة أقسام: مدرج في أول الحديث، وفي وسطه، وفي آخره وهو الغالب. 1- مثال الإدراج في أول الحديث: حديث أبي هريرة - رضى الله عنه - " أَسْبِغُوا الوُضُوء " وَيْلٌ لِلأَعْقَا بِ مِنَ النَّارِ ". قوله " أسبغوا الوضوء " ليست من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- بل من كلام أبي هريرة - رضي الله عنه - ويدل على ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: " أسبغوا الوضوء " فإني سمعت أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - قال: " وَيْلٌ لِلأَعْقَا بِ مِنَ النَّارِ". وهذا القسم قليل جدًا وغالب من يُمثِّل له يأتي بهذا المثال. 2- مثال الإدراج في وسط الحديث: حديث عائشة -رضي الله عنها - في بدء الوحي قالت: "كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يَذْهبُ إلى غَارِ حِرَاءٍ، فَيَتَحَنّ َثُ فِيهِ " وهو التعبد "الليا لي ذوات العدد". رواه البخاري من طريق الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة - رضي الله عنها -. قوله: " وهو التعبد " مدرج من كلام الزهري، أراد به بيان معنى التحنث[6]. 3- مثال على الإدراج في آخر الحديث: حديث أبي هريرة: " إِنَّ أُمَّتِى تَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَ ةِ غُرًّا مُحَجَّلِي نَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَ لْ ". فقوله: " فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل" مدرج من كلام أبي هريرة - رضي الله عنه - وهذا النوع وهو الإدراج في آخر الحديث هو الأكثر. حكم الحديث المُدْرَج: يعتبر المُدْرَج سواء كان في السند، أوفي المتن من قبيل المردود الذي لا يجوز ق***ه، ولا الاحتجاج به، ولكن ينبغي التنبه إلى أن الذي يُردُّ هو ما كان مُدْرَجًَا دون بقية الحديث. أسباب الإدراج: 1- بيان حكم شرعي، أو استنباط حكم شرعي، قبل أن يكمل رواية الحديث. 2- شرح لفظ غريب في الحديث، كما فعل الزهري في بيان معنى (التحنث)، ولذا تسامح العلماء في هذا، والأولى أن ينص على أنه قاله لبيان الغريب، وهناك أسباب أخرى غير ماذُكر. كيف نعرف الإدراج: يعرف الإدراج بعدة أمور: 1- أن يُقِرَّ الراوي بأنه أدرج هذا الكلام. 2- أن ينص على الإدراج أحد الأئمة. 3- ورود الحديث في رواية أخرى منفصلًا عن هذه اللفظة المدرجة. 4- استحالة كون النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول ذلك، كقول أبي هريرة - رضي الله عنه - في حديث: " لِلْعَبْدِ الْمَمْلُو كِ الصَّالِحِ أَجْرَانِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَجُّ وَبِرُّ أُمِّي لَأَحْبَبْ تُ أَنْ أَمُوتَ وَأَنَا مَمْلُوكٌ" ؛ رواه البخاري. قوله: " والذي نفسي بيدي لولا الجهاد في سبيل الله وبرُّ أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك " مُدْرَج من كلام أبي هريرة - رضي الله عنه - ووجه ذلك أنه يستحيل أن يكون من كلام النبي- صلى الله عليه وسلم - لأن أمه ماتت وهو صغير[7].

    [1] انظر: علوم الحديث ص (90)، ومقدمة ابن الصلاح ص (96).

    [2] انظر: الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/295).

    [3] انظر: المصدر السابق (2/212).

    [4] انظر: النكت على مقدمة ابن الصلاح (2/777).

    [5] انظر: العلل لابن أبي حاتم (1/172).

    [6] انظر: تدريب الراوي (1/229)، وتوضيح الأفكار (2/46).

    [7] انظر: فتح الباري (5/176).














  3. #3
    مشرف سابق الصورة الرمزية abomokhtar
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    4,025

    افتراضي رد: الحديث الضعيف بسبب الطعن في الراوي

    الحديث الضعيف بسبب الطعن في الراوي (3)

    سابعًا: المقلوب: تعريفه: وهو إبدال لفظ بآخر في سند الحديث أو متنه، بتقديم أو تأخير؛ سواء كان عمدًا، أو سهوًا. ومن خلال التعريف عرفنا أن القلب يكون في السند، ويكون في المتن. أولًا: مقلوب السند وله صورتان: الأولى: إبدال راوٍ بآخر، كأن يكون أحد رواته (نافع) فيجعله (سالم). الثانية: إبدال اسم راوٍ باسم أبيه، كأن يقول (عبدالله بن سالم) بدل (سالم بن عبدالله). ثانيًا: مقلوب المتن وله صورتان أيضًا: الأولى: أن يقدِّم الراوي ويؤخِّر في لفظ الحديث. مثاله: حديث سَبْعَةٌ يُظِلُّهُم ُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ... . وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاه َا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ " فإن هذا مما انقلب على الراوي، والصواب: كما روى البخاري وغيره: "حَتَّ ى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ" . فالأصل في الإنفاق أن يكون باليمين. الثانية: قلب بين الإسناد والمتن، فيجعل الراوي متن هذا الحديث على إسناد آخر، ويجعل إسناد هذا المتن آخر، وغالبًا يكون بقصد الامتحان. مثاله: ما فعله أهل بغداد مع الإمام البخاري – رحمه الله - حيث عرضوا عليه مائة حديث، بعدما قلبوا أسانيدها مع متونها امتحانًا لحفظه - رحمه الله – فرَدَّها على ما كانت عليه قبل القلب، ولم يخطئ فيها ولا خطأ[1]. فالأسباب التي تحمل الراوي على القلب أشهرها اثنتان: 1- قصد الامتحان لهذا المحدث.
    2- والوقوع في القلب من غير قصد.
    كيف يعرف الحديث المقلوب؟ يُعرف بأمور منها: 1- نص أحد الأئمة على أن الحديث مقلوب. 2- جمع طرق الحديث، وبيان القلب. 3- كونه خلاف المشهور من المحدثين في رواياتهم. حكم الحديث المقلوب: لا شك أنه من أنواع الحديث الضعيف، فهو مردود؛ لأنه مخالف لرواية الثقات. ثامنًا: المضطرب: تعريفه: هو ما روي على أوجه مختلفة، ومتساوية في القوة، بحيث يتعذر الجمع بينها، أو الترجيح. ومن خلال التعريف يتبين أنه لابد للحديث حتى نحكم عليه أنه مضطرب من شرطين: الأول: اختلاف روايات الحديث، بحيث لا يمكننا الجمع بينهما. الثاني: تساوي الروايات في القوة، بحيث لا يمكننا ترجيح إحداهما على الأخرى؛ لأنه لو أمكننا ترجيح إحدى الروايات لعملنا بها ولزال الاضطراب. والاضطراب على قسمين: اضطراب في السند وهو الأكثر، واضطراب في المتن وهو قليل جدًّا. أولًا: الاضطراب في السند: مثاله: حديث أبي إسحاق السَبِيْعِ ي عن أبي بكر- رضي الله عنه – أنه قال: "يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ شِبْتَ، قَالَ: شَيَّبَتْن ِي هُودٌ وَأَخَوَات ُهَا". قال الدراقطني - رحمه الله -: "هذا مضطرب؛ لأنه لم يروَ إلا من طريق أبي إسحاق السبيعي، وقد اختُلف عليه فيه على عشرة أوجه، فمنهم: من رواه مرسلًا، ومنهم من رواه موصولًا، ومنهم من جعله من مسند أبي بكر - رضي الله عنه - ومنهم من جعله من مسند سعد- رضي الله عنه - ومنهم من جعله من مسند عائشة - رضي الله عنها - وغير ذلك، ورواته ثقات لا يمكن ترجيح بعضهم على بعض والجمع متعذر "[2]. ثانيًا: الاضطراب في المتن: مثاله: حديث فاطمة بنت قيس - رضي الله عنها - قالت: سئل رسول - صلى الله عليه وسلم – عن الزكاة فقال: " إِنَّ فِي الْمَالِ لَحَقًّا سِوَى الزَّكَاةِ " رواه الترمذي وابن ماجه من نفس الوجه بلفظ: " لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ . قال العراقي - رحمه الله -: "هذا اضطراب لا يحتمل التأ***". حكم الحديث المضطرب: من أنواع الضعيف؛ لأنه يفيد عدم ضبط رواته. قال ابن الصلاح - رحمه الله -: " والاضطراب موجب ضعف الحديث لإشعاره بأنه لم يُضبط " فائدة: ذكر ابن حجر - رحمه الله - أن أشد أنواع الضعيف هو: الموضوع، ثم المتروك، ثم المنكر، ثم المعلَّل، ثم المدرج، ثم المقلوب، ثم المضطرب[3]. تاسعًا: المصَّحف: تعريفه: وهو تغيير الكلمة في الحديث إلى غير ما رواه الثقات، والتصحيف يكون: في السند، ويكون في المتن. مثال التصحيف في السند: حديث شعبة عن (العَوَّام بن مُرَاجم) صحَّفه ابن معين إلى (العَّوام بن مزاحم)، والتصحيف إذا وقع من الراوي نادرًا، فإنه لا يقدح في ضبطه؛ لأنه لا يسلم منه و من الخطأ إلا القليل. مثال التصحيف في المتن: حديث زيد بن ثابت - رضي الله عنه –: " أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- احْتَجَرَ فِي الْمَسْجِد ِ" صحَّفه ابن لهيعة: " أَنَّ النَِّبيَّ - صلى الله عليه وسلم – احْتَجَم فِي المَسْجِد ". ولا شك أن الذي وقع فيه التصحيف مردود. وما تقدم بيانه هو: التصحيف في اللفظ، وهو الأكثر، وقد يكون التصحيف في المعنى، كأن يبقى اللفظ على حاله دون تغيير لكن فهم الراوي له ليس صوابًا. مثاله: قول أبي موسى العنزي: نحن قوم لنا شرف، نحن من عَنَزَة صلى إلينا رسول الله- صلى الله عليه وسلم – هكذا فهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى إلى قبيلته عنزة في حديث " أن النبي - صلى الله عليه وسلم – صلى إلى عنزة ". والصحيح: أن العنزة: هي الحربة التي توضع بين يدي المصلي. أمور أخرى تتعلق بالراوي تؤثر في صحة الحديث: أ) الجهالة بالراوي: والجهالة هي عدم معرفة عين الراوي أو حاله. وللجهالة أسباب منها: 1- كثرة صفات الراوي، فأحيانًا يُذكر باسمه، وأحيانًا بكنيته، وأحيانًا بلقبه، وأحيانًا بصفته، أو بحرفته، أو نسبه، فيشتهر بواحدة منها، فإذا ذُكر بغير ما اشتهر به، ظُنَّ أنه راوٍ آخر فيحصل الجهل به. مثال ذلك: (محمد بن السائب بن بِشْر الكُلْبيُّ ) نسبه بعضهم إلى جده فقالوا: (محمد بن بشر) وسماه بعضهم: (حماد بن السائب)، وكنّاه بعضهم: (أبا النَّضْر)، وكنَّاه بعضهم: (أبا سعيد)، وبعضهم: (أبا هشام) وكلها مسميات لشخص واحد. 2- قلة رواية الراوي، وقلة مَنْ روى عنه. 3- عدم التصريح باسم الراوي، كقول الراوي: أخبرني فلان، أو حدثني شيخ، أو رجل ونحوه. والمجهول على نوعين: مجهول عين، ومجهول حال. 1- مجهول العين: هو الذي لم يرو عنه غير راوٍ واحد ولم يتعرض له أحد من أهل العلم بجرح أو تعديل. مثال ذلك: طياف الإسكندران ي. روى عنه الهيثم بن خارجة فقط. قال ابن حجر - رحمه الله - في " تعجيل المنفعة: (494) - " مجهول "[4]. وهذا محمول على مجهول العين؛ لأنه لم يروَ عنه إلا راوٍ واحد، ولم يتعرض له أحد بجرح، أو تعديل. 2- ومجهول الحال: هو من روى عنه راويان، أو أكثر ولم يتعرض له أحد من أهل العلم بجرح، أو تعديل. مثال ذلك: سفيان بن عبدالرحمن بن عاصم بن سفيان. روى عنه لاحق المكي، و أبو الزبير المكي. قال ابن حجر - رحمه الله - في التقريب: " مق*** ". وأيًّا كان مجهول العين أو الحال فالأصل في ر****ه عدم الق***. وتحت الجهالة عدة تنابيه: التنبيه الأول: جهالة العين أشد من جهالة الحال، فإن جهالة العين: من أسباب الضعف الشديد، ولا يصلح في المتابعات فلا هو يقوِّي غيره، ولا يقوى بغيره، أما جهالة الحال: فمن أسباب الجهل المحتمل، فإن تابعه ثقة، أو مَنْ يُحتج بحديثه قوي، وكان شاهدًا له على حفظ حديثه، وضبطه سندًا ومتنًا، وهذا باتفاق العلماء. وإن تابعه من هو مثله في الضعف المحتمل، فإن حديثه يتحسَّن بمجموع الطريقين الضعيفين على مذهب كثير من المتأخرين من أهل الحديث. التنبيه الثاني: مجهول العين: يطلق عليه بعض الصفات مثل: " مجهول العين " أو " لا يعرف من ذا " أو " مجهول " ومجهول الحال: يطلقون عليه: " مستور " أو " مق*** " أو " لا يُعرف حاله " وقد يصفه البعض بـ " مجهول " و الذي يحدد نوع الجهالة: عدد من روى عنه، فإن كان واحدًا، فهو مجهول العين، وإن كان أكثر فهو مجهول الحال. التنبيه الثالث: يُلْحِق بعضهم بهذين القسمين قسم ثالث هو: (المُبْهم) ، والمبهم: هو مَنْ لم يُصرَّح باسمه في الحديث، ولذا قال البيقوني في منظومته:.. . ومبهمٌ مافيه راوٍ لم يسم. والمبهم حديث مردود؛ لجهالة عين الراوي، فلا نستطيع معرفة عدالته. مثاله: ما أخرجه عبدالرازق وأحمد و أبوداود من طريق عبدالله بن مسلم أخي الزهري عن مولى لأسماء بنت أبي بكر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم "مَنْ كَانَ مِنْكُنَّ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْم ِ الْآخِرِ فَلَا تَرْفَعْ رَأْسَهَا حَتَّى يَرْفَعَ الرِّجَالُ رُءُوسَهُم ْ". وعند التأمل في الحديث نرى فيه راوٍ مبهم وهو: مولى أسماء - رضي الله عنها - فالحديث ضعيف. وأيضًا يقال: لو أُبهم الراوي بلفظ التعديل، فإن ر****ه لا تقبل، فلو قال الراوي: (أخبرني ثقة) فإن ر****ه لا تقبل مادام مبهما، فإنه ربما يكون عنده ثقة، وعند غيره ليس بثقة. قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: "ولا يقبل حديث المبهم ما لم يُسَمْ؛ لأن شرط ق*** الخبر عدالة راويه، ومن أُبهم اسمه لا تُعرف عينه، فكيف عدالته؟! وكذا لا يُقبل خبره ولو أُبهم بلفظ التعديل، كأن يقول الراوي عنه: أخبرني الثقة؛ لأنه قد يكون ثقة عنده مجروحًا عند غيره "[5]. ب- الوصف بالبدعة: وهو من الأسباب التي تتعلق بالراوي وتؤثر في صحة الحديث؛ لأنها تؤثر في عدالة الراوي. والبدعة: هي الإحداث في الدين، وهي على قسمين: 1- بدعة مُكفِِّرة: أي يكفر صاحبها بسببها، فهذا تُردُّ ر****ه. 2- بدعة مُفَسِّقة: أي يفسق صاحبها بسببها. والصحيح الذي عليه الجمهور أن ر****ه تقبل بشرطين: الأول: ألا يكون داعيًا إلى بدعته، والثاني: أن لا يروي ما يُروِّج بدعته. تأمل المثالين الآتيين ليتضح لك ق*** الراوية من عدم ذلك: المثال الأول: حديث أبي الصلت الهروي عن أبي معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بَابُهَا فَمَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ فَلْيَأْتِ هِ مِنْ بَابِهِ ". هذا الحديث فيه. عدة أسباب لضعفه منها: أنه من رواية أبي معاوية عن الأعمش، وكلاهما من الثقات، إلا أنهما منسوبان إلى التشيع، وهنا رويا ما يُروِّج بدعتهما، فلا يصح الاحتجاج بحديثهما في هذا الموضع. المثال الثاني: قتادة بن دعامة السدوسي بدعته: أنه من المنسوبين إلى القَدَر، وهو مع هذا إمام حافظ كبير، احتج العلماء بحديثه، ومنهم: البخاري، ومسلم أخرجا له ما لم يؤيد بدعته. تنبيه: هناك من الأئمة من ترك رواية من وُصِف بنوع بدعة، فلم يأخذ ر****ه مطلقًا، ليس لأنه لا تقبل ر****ه، وإنما من أجل أن ينتهي عن بدعته؛ زجرًا له ولغيره ممن يلج في البدع. ج) سوء الحفظ: وهو من الأسباب التي تتعلق بالراوي، وتؤثر في صحة الحديث. وسيء الحفظ: من لم يكن جانب صوابه أرجح من جانب خطئه. وسيء الحفظ نوعين: 1- إما أن يكون سوء حفظه من أول حياته ***ازمه حتى مماته، فهذا ر****ه مردودة. 2- وإما أن يكون سوء الحفظ طارئًا عليه إما لكبر سنه، أو لذهاب بصره، أو لاحتراق كتبه ونحو ذلك، فهذا يُسمى. " المُخْتَلَ ط " وهذا ر****ه فيها تفصيل: ما حدَّث به قبل الاختلاط وتميَّز ذلك بأن عُرف أنه قبل الاختلاط، فحديثه مق***. وما حدَّث به بعد الاختلاط، فحديثه مردود. وما لم يتميَّز فلا يُعرف هل حدَّث به قبل الاختلاط أو بعده، فر****ه يتوقف فيها حتى يتميّز، فإن وافقت ر****ه رواية الثقات، قبلت وإن لم فالأصل فيها التوقف. قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: " الحكم فيه أن ما حدَّث به قبل الاختلاط إذا تميَّز قُُبل، وإذا لم يتميز تُوُقِّف فيه، وكذا من اشتبه الأمر فيه، وإنما يُعرف ذلك باعتبار الآخذين عنه "[6]. مثال ذلك: ما أخرجه أحمد من طريق حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لَمَّا كَانَتْ اللَّيْلَة ُ الَّتِي أُسْرِيَ بِي فِيهَا أَتَتْ عَلَيَّ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ فَقُلْتُ يَا جِبْرِيلُ مَا هَذِهِ الرَّائِحَ ةُ الطَّيِّبَ ةُ........ ..."؛ الحديث. هذا الحديث سند رجاله ثقات، إلا أن (عطاء بن السائب) كان قد اختلط، و (حماد بن سلمة) كان ممن سمع منه قبل الاختلاط، وبعد الاختلاط، فيتوقف في صحة الحديث حتى تتميَّز رواية المختلط. تنبيه: من لم يحدِّث بعد اختلاطه فر****ه مق***ة، حتى لو قيل في ترجمته أنه اختلط؛ لأن شبهة الاختلاط بالنسبة للرواية انتفت فهي غير مؤثرة. قال عبد الرحمن بن مهدي - رحمه الله -: " جرير بن حازم اختلط، وكان له أولاد أصحاب حديث، فلما أحسُّوا ذلك منه حجبوه، فلم يسمع أحدٌ منه في حال اختلاطه شيئًا "[7]. وكذلك سعيد بن عبدالعزيز التنوخي، فإنه لما اختلط امتنع أن يجيز أحدًا بمروياته. مسألة: حكم ق*** زيادة الثقة: وهي مسألة مهمة للغاية أُفردت بالبحث والدراسة من قِبَل العلماء. ومسألة الزيادة على قسمين: الأول: أن تكون من الضعفاء، فلا تقبل وهذا واضح. الثاني: أن تكون من الثقات، وهي محور البحث. وجمهور العلماء أنها تقبل من الثقات مطلقًا، وكثير من المحدِّثين والنقَّاد على أنها لا تُقبل من الثقات مطلقًا، وإنما تُقبل من الثقة الحافظ إذا لم يخالفه من هو أولى منه، وبه قال أئمة الحديث المتقدمين، وهو الأظهر والله أعلم الذي يدل عليه أقوال الأئمة - رحمهم الله - وإليك شيئًا منها: قال الترمذي - رحمه الله -: " ورُبَّ حديث إنما يُستغرب لزيادةٍ تكون في الحديث، وإنما يصح إذا كانت الزيادة ممن يُعتمد على حفظه"[8]. وقال ابن عبد البر - رحمه الله - في التمهيد: "إنما تُقبل الزيادة من الحافظ إذا ثبتت عنه، وكان أحفظ وأتقن ممن قَصُر، أو مثله في الحفظ؛ لأنه كأنه حديث آخر مستأنف ". ومنهجهم في ذلك: إعمال مبدأ النقد و الترجيح بين الروايات الزائدة، والناقصة لا الحكم مطلقًا عليها. قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: " المنقول عن أئمة الحديث المتقدمين كعبدالرحمن بن مهدي، ويحي القطان، و أحمد بن حنبل، ويحي بن معين، و علي بن المديني، والبخاري، وأبي زرعة، وأبي حاتم، والنسائي، والدارقطني - رحمهم الله - وغيرهم اعتبار الترجيح فيما يتعلق بالزيادة وغيرها، ولا يُعرف عن أحد منهم إطلاق ق*** الزيادة ". أي لا يعرف عن أحد منهم ق*** الزيادة مطلقًا[9].

    [1] انظر: القصة بتمامها في تاريخ بغداد (2/20،21).

    [2] انظر: تدريب الراوي (1/265).

    [3] انظر: التدريب (1/295).

    [4] انظر: تعجيل المنفعة (1/200).

    [5] انظر: نزهة النظر ص(106).

    [6] انظر: نزهة النظر ص (109).
    [7] انظر: تهذيب التهذيب (2/61).
    [8] انظر: نزهة النظر ص (72).
    [9] انظر: علل الترمذي (5/524).









المواضيع المتشابهه

  1. مذكرة الرائد في العلوم
    بواسطة الشاهين في المنتدى العلوم
    مشاركات: 33
    آخر مشاركة: 10-13-2015, 12:48 AM
  2. مذكرات الرائد
    بواسطة ابو سديرة في المنتدى ارشيف الصف الاول الثانوى
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 03-31-2013, 09:28 PM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •