المناهج الجديدة 2018 / 2019 :

الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا، لا إله إلا الله وحدهُ، صدق وعدهُ ونصر عبدهُ وأعز جندهُ وهزم الأحزاب وحدهُ، لا إله إلا الله ولا نعبدُ إلا إياهُ، مُخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم صلِ على سيدنا محمدٍ، وعلى آل سيدنا محمدٍ، وعلى أصحاب سيدنا محمدٍ، وعلى أنصار سيدنا محمدٍ، وعلى أزواج سيدنا محمدٍ، وعلى ذرية سيدنا محمدٍ، وسلم تسليمًا كثيرً **** كل عام وجميع الأمة الإسلامية بخير

facebook

النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: موقف مناهج التعليم الغربية من الإسلام

  1. #1
    مشرف سابق الصورة الرمزية abomokhtar
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    4,025

    01 (2) موقف مناهج التعليم الغربية من الإسلام

    موقف مناهج التعليم الغربية من الإسلام


    إن البحث في صورة الإسلام في المناهج التعليمية في بلاد أوروبا وأمريكا - أو ما اصطلح على تسميته بالغرب - ترجع أهميته إلى معرفة تلك المرتكزات والمداخل التي يتناولون من خلالها الإسلام. 1- إذ إن معرفة ماذا يقولون؟ وكيف يقولون؟ ولماذا يقولون؟ وكيف يؤثر ما يقولون بطريق مباشر أو غير مباشر في عملية صنع القرار السياسي أو الثقافي أو العسكري تجاه الإسلام وأهله؟ من الأهمية بمكان. 2- كما أن نخبة من أساتذة الدراسات في الجامعات الغربية تعدُّهم الحكومات الغربية بمثابة خبراء ومراجع في شأن الإسلام، وتطلب منهم تقديم الشهادات والتوصيات عن ذلك الشأن للمسؤولين، ويقومون بالفعل بتقديم تلك الشهادات والتوصيات، ولكنَّ عِلمَ الكثيرين ممَّن يسمون بخبراء الظاهرة الإسلامية عِلمٌ منقوص ومشكوك فيه، ومعارف أكثرهم تحتاج إلى أن تُوازن بوجهة النظر الإسلامية؛ حتى تقترب من الصواب، وتُعطي إفادات وشهادات لا تضر بالمسلمين ولا بمصالح الدول الغربية. 3- كما تؤثر الكيفية التي تتم بها دراسة الإسلام في المدارس والجامعات أيضًا بنحو أو بآخر في قطاعات من الرأي العام الغربي، وتؤثر بالتالي في علاقة الغربيين بالمسلمين على صعيد العالم الإسلامي وعلى مستوى الجاليات المسلمة في الغرب. 4- ومن ناحية أخرى تفيد دراسة "الإسلام في المناهج الغربية المعاصرة" في تحديد ما يمكن أن يفعله الخبراء والعلماء وصناع القرار في العالم الإسلامي لمُساعَدة الغربيين على دراسة الإسلام دراسة عِلمية نزيهة وعميقة وذات جدوى؛ بحيث تؤدي دورًا إيجابيًّا في إطار حوار الحضارات، وتحسين العلاقات المتوتِّرة بين الكثير من دول العالم الإسلامي والعالم الغربي[1]. وقبل تدوين أية ملاحظات حول مسألة عرض الإسلام في المناهج الغربية، تجدر الإشارة إلى أن هذه المناهج قد تأثَّرت وبشكل مباشر بما خلفته الحركة الاستشراقي ة من تراث، والذي يمتد إلى قرابة قرنين من الزمان، وخلَّف نحوًا من 60.000 كتاب عن الشرق المسلم[2]. ولا ريب أن أصدق مفهوم للاستشراق هو العلم في خدمة السياسة والاستعمار ، وهدفه إذابة الشخصية الإسلامية، وتغيير ما بنفس المسلمين من إيمان بالإسلام ومُثُلِه، ونظمه ولغته وحضارته، والتنكر لكل هذا، وقطع الصلة بين المسلم وبين دينه وربه ونبيه[3]. وحركة التنصير هي صِنو حركة الاستشراق في تشويه صورة الإسلام؛ فقد كان المنصِّرون روادًا في مهنة التعليم في الغرب؛ حيث كانت المدارس في أوروبا تقام في الكنائس، وفي أمريكا تولى مهمةَ التعليم الآباء المنصرون الفارون بدينهم من الاضطهاد الذي لقوه بأوروبا، وقد كان في طليعة أهدافهم: تشويهُ مواد الدراسات الإسلامية؛ حتى يقطعوا الطريق على الإسلام، وكان عليهم أن يصوروا العقيدة الإسلامية بصورة منكَرة؛ حتى يبذل مواطنوهم أقصى جهد لتنصير المسلمين وإنقاذهم من هذا الدين الوثني كما يصورونه لهم[4]. وفيما يلي عدد من الملاحَظات حول موقف المناهج الدراسية في الغرب من الإسلام: في دراسة علمية أعدها كل من "سوزان دوغلاس" و"روس دون" بعنوان: "تفسير الإسلام في المدارس الأمريكية"، استعرض الباحثان مُحتويات ستة كتب تعليمية تعرَّضت للإسلام ودُرست للطلاب من الصف السادس إلى الثاني عشر. وقد أشارت الدراسة إلى أن الطالب فيما سبق كان يتخرج من الدراسة الجامعية لا يعرف شيئًا عن الإسلام، إلا أنَّ تحسنًا طرأ في هذا الاتجاه بعد تغيُّر في الدستور الأمريكي سنة 1988م، الذي سمح بتدريس الأديان كافة في المناهج التعليمية، فنال الإسلام حظًّا من ذلك الاهتمام. ولكن الذي ورد في هذه المناهج الدراسية يثير عجبًا، حيث قيل: إن الإسلام نسخة معدلة عن الديانتين اليهودية والنصرانية ، وقطعت الصلة بين الإسلام والمسلمين من جهة، وبين إبراهيم عليه السلام من جهة أخرى، ثم حملت هذه الكتب على انتشار الإسلام على أساس كونه لم يَنتشِر إلا بالسيف! وأنه يضطهد غير المسلمين، ويُصادر حقوق المرأة، وفي نفس الوقت لا تذكر تلك المناهج عن حضارة الإسلام شيئًا! وقد علق الباحثان على أن هذه الكتب حين تنصف الإسلام فإنها تكتفي بذكر حقائق جافة ولا تعطيها التفسير الصحيح اللائق، حتى إنها تصور عبادات المسلمين على أنها جزء من بقايا الوثنية، وهو ما يتطابق مع كلام المستشرقين القدماء[5]. وفي دراسة أعدها د. مايكل سليمان - أستاذ العلوم السياسية بجامعة "كنساس" بأمريكا - بعنوان: تأثير المقررات الدراسية في الثانوية على تكوين المخيلة الأمريكية لشعوب الشرق الأوسط، ومن خلال استطلاع إحصائي لآراء الأساتذة والطلاب في المدارس الثانوية في ستِّ ولايات أمريكية، انتهى الباحث إلى أن هذه الشريحة يعبرون عن آراء تعميمية سلبيةٍ عدائيةٍ عن الإسلام والمسلمين، وقلما يعبرون عن آراء إيجابية. وقد نقل في دراسته قول بعضهم في تعريفهم للإسلام: "إنه دين زائف"، أو "إنه الإيمان الذي يعوق التفكير الخلاق"، أو "إنه الدين الذي يسبِّب تخلُّفًا في نمو نهضة أتباعه". أما تصور الطلاب للمسلمين، فهو أنهم: "قوم يُحبون الحروب بطبيعتهم"، أو "قوم متدينون مَخدوعون من رجال الدين"، أو "أنهم أصحاب الدين العجيب غريب الأطوار". وكثير من أولئك يربطون بين الإسلام والحروب الصليبية، ومنهم من يربط بينه وبين تنظيمات الأمريكان السود في أمريكا من أتباع "إليجا محمد"، ظانِّين أنهم يمثلون الإسلام الحق. وكما أشارت الدراسة إلى أن عددًا من الأساتذة كان يحمل انطباعًا جيدًا عن الإسلام وأهله، إلا أن إلمامهم بالإسلام ليس كافيًا. وفي دراسات حديثة عن المناهج الدراسية في المراحل الابتدائية إلى الثانوية في أمريكا، ظهر بوضوح أن تحسنًا كبيرًا قد طرأ على مناهج الدراسات التاريخية، وأن تصحيحات كثيرة قد طرأت على المناهج بما يتَّفق مع عدد من الحقائق، مع حرصٍ على توخي الدقة واللياقة قدر الإمكان. وفي دراسات أخرى - عُنيت بالمناهج الدراسية الأوروبية في ذات المراحل - ظهر أن المناهج في إنجلترا تميل إلى تجاهل المسلمين وتبخس معطياتهم الحضارية، وأن تحسنًا ملحوظًا قد بدا في المناهج الفرنسية، في حين أن المناهج الدراسية الألمانية لا تزال مشبعة بنزعة عدائية شديدة تجاه الإسلام وأهله، بتأثير التراث الاستشراقي الذي خلفه أمثال "جوزيف شاخت" و"أوغست فيشر"، ولوحظ الاستخفاف بالإسلام وتاريخه وثقافته في المناهج البلجيكية، وأما المناهج في كندا، فإن سياستها الصارمة في هذا الأمر هو الحيادية التامة؛ فهي تطبِّق علمانية لا تبيح لمؤلفي الكتب المدرسية أن يتهجموا فيها على أي دين، بما في ذلك الإسلام[6]. وأما في الجامعات الغربية، فإن دارسة الإسلام فيها يرجع إلى القرون الوسطى، وهذا تاريخ له دلالته وتوجهه، الأمر الذي صبغ الدراسات القديمة بصِبغة تحريف وتشويه وافتراء، إلا أنه وبالجملة قد بدأت هذه المناهج بالتغير وإحلال الكتب الجديدة مكان القديمة، وهذه سياسة تنتهجها الجامعات الغربية عمومًا؛ مما أدى إلى تكاثُر نسبي في الكتب المحسنة؛ الأمر الذي سيؤدي إلى مزيد من التحسن في نظرة الغربيين إلى الإسلام وأهله. وعمومًا فإن كتب الدراسات الجامعية تدور محاورها حول القضايا التي يهتم بها الغربيون عادةً؛ مثل: قضايا الجهاد، والفلسفة، والتصوف، والمرأة، وما يدعونه "بالوهَّابي ة" هي الأكثر عنايةً من قِبَل هذه المقررات، في مقابل ضعف ظاهر في دراسة السنَّة والسيرة والتشريع الإسلامي. وفي دراسة أعدها البروفسور "خالد بلانكنشب" حول صورة الإسلام والمسلمين في كتب الدين المعاصرة المقررة بجامعات أمريكا الشمالية، ينتهي إلى أنه يختلف تصوير المسلمين في الكتب الدراسية بأمريكا الشمالية اختلافًا كبيرًا، من ناحية الكمِّ والكيف؛ فلا تزال كثير من الكتب تشتمل على بعض الصور والقوالب المعادية للإسلام، وذلك على الرغم من جهود الناشرين مؤخرًا في مُحاوَلة لتقديم صورة عادلة ومعقولة للإسلام[7]. ولا شك أن عوامل عدة أثَّرت في إيجاد هذا التوجه الملائم، منها ما وجه لحركتي التنصير والاستشراق من نقْد مستحق؛ كما فعل د. إدوارد سعيد في كتابه "الاستشراق"، وسار في دربه عدد من الباحثين؛ كالدكتور عبداللطيف الطيباوي الذي قدم دراستين عن تجني المستشرقين على الإسلام، واتهامهم له بالنقائص، كما أفصحت عدد من الدراسات عن ضعف الجوانب العِلمية، وطغيان التحيز في كثير من تلك الدراسات[8]. كما ساعد على هذه التغيرات إعداد معايير خاصة للتعبير والكتابة في المقررات الدراسية، والتي تمنع من إسقاط رأي المؤلف في ثنايا عباراته، أو تضمينه أحكامًا لوصف دِين ما أو عقيدة ما، وقد خرجت عدة توصيات من أكثر من جهة دولية اعتبارية تدعو إلى مراعاة تلك الضوابط، وتحذر من سوء عاقبة إهمالها[9]. ولا يُنسى في هذا المقام دور عقلاء الغربيين؛ كالأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا، الذي أُثِرت عنه كلمات منصفة بحق المسلمين[10]، وكذا عدد من الأكاديميي ن والمثقفين المعتدلين. كما ساهم عدد من الأكاديميي ن الغربيين بتقديم بدائل محسَّنة للمناهج المستفزة والمحرَّفة ؛ كما فعلت أ. سوزان دوجلاس في سلسلة "الإسلام والحضارة الإسلامية"، وهي تضم اثني عشر كتابًا تغطِّي احتياجات مراحل التعليم، بدءًا من الروضة، وانتهاءً بالصف الرابع الثانوي. كما ظهرت أدبيات بأقلام مسلمة؛ حيث رصد بعض الباحثين خمسة وعشرين كتابًا في السنوات العشر الأخيرة بأقلام مسلمة أمريكية، كما أسهمت حملة الترجمة النشطة في هذا التحول، ولا سيما الترجمات الصحيحة للقرآن الكريم، وكتُب السنَّة المطهرة، والتفسير والسيرة. وهكذا يظهر هذا التحسن الملحوظ، الذي سيَنعكِس بدوره على الأجيال القادمة؛ إلا أن الأمر لا يمضي هكذا في طريقه قدمًا دون صعوبات وعقبات. ذلك أن هذا الاعتدال الذي حصل مؤخرًا فجَّر هجومًا من قِبَل دعاة صراع الحضارات وأقطاب المعسكَر اليميني النصراني المتطرِّف. حيث هوجم مَن تعامَل مع الإسلام بموضوعية وإنصاف من أساتذة الدراسات الأكاديمية الشرقية، وصار شائعًا أن هؤلاء الأساتذة "يقدمون دعاية مجانية لدينٍ معادٍ". وانبرى صام*** هنتنجتون الأستاذ بجامعة هارفارد؛ فلم يكتف بمؤلَّفِهِ "صراع الحضارات" عام 1992م، حتى أصدر بعد أكثر من عشر سنوات - وبالتحديد عام 2004م - دراسته بعنوان: "من نحن؟"، وقد شن فيه هجومًا على ما أسماه: الإسراف في تدريس ثقافات وأديان الأمم الأخرى، ومن بينها الإسلام، في إطار المناهج الأمريكية، وقد أشار إلى بروتستانتي ة أمريكا وأنها أصبحَت في خطر بسبب تلك الدراسات الأجنبية الوافدة من ثقافات وحضارات وأديان العالم الأخرى، الأمر الذي سيقود إلى تفكيك الوحدة الثقافية الأمريكية، ثم قال: "أما ما يرمي إليه دعاة التعدد الثقافي حاليًّا، فهو على العكس من ذلك؛ فهم يطالبون بتقليل دروس اللغة الإنجليزية ، وإيقاف عملية تشرُّب الطلاب الأمريكيين بقيم الثقافة الأمريكية، وأسوأ من ذلك إعطاؤهم فرصة لدراسة لغات وثقافات وقصص أبطال الأمم الأخرى، كالأمم الإسلامية"[11]. إن مما حفز هنتنجتون - وهو من أتباع المدرسة الوضعية المنطقية - لأن يكتب صراع الحضارات: ما يشهده من هذا التحسُّن الطارئ على صورة الإسلام، وأنه لا يمكن أن يوقِف هذا المدَّ سوى توجُّه ديني أصولي بروتستانتي إنجيلي متطرف، فكتب "صراع الحضارات"، ثم لم يلبث أن انحاز عن أطروحة صراع الحضارات إلى أطروحة أضيق، هي "صراع الأديان"، وها هو يستثمر توجهات اليمين الأمريكي وطاقاته لصالح دعوته الصراعية. ولعلَّ من أسباب صدور كتابه الأخير ما ألفه البروفسور "مايكل سيلز" بعنوان "الاقتراب من القرآن، التنزلات الأولى: "The early revelation s Approoching The Qura'an"؛ حيث قدم الكاتب ترجمة أمينة لخمس وثلاثين سورة مكية إلى الإنجليزية ، وغدا كتابه مقررًا ضمن مادة الإرشاد الثقافي بجامعة كارولينا الشمالية لطلبة السنة الأولى. وهنا قامت العاصفة مُدوية، فصرَّح أحد زعمائهم - وهو "سام إيليز"، عضو مجلس النواب - قائلاً: "إن مُواطني الولاية لا يريدون لأبنائهم الطلاب الجامعيين أن يقرؤوا هذا الشر الذي قررته عليهم الجامعة كمادة إجبارية"[12]، وتحدث السياسي "بيل أوريلي" قائلاً: "إن القرآن كتاب أعدائنا الدينيين، وهو شبيه بكتاب "كفاحي" لهتلر، فكيف نسمح بتدريسه لطلابنا الجامعيين؟ !"[13]. ومع هذا فإن سجالاً قد قام في أمريكا وعلى صحُفها اليومية؛ فصحيفة USA Today نشرت في افتتاحيتها 8 / 8 / 2002م: "إن الأمة الأمريكية تُحاول أن تتفهم أبعاد ما جَرى في 11 سبتمبر 2001م، وأن تستخدم كل الإمكانيات المتاحة لديها، ولا تحتاج أن تبعث مزيدًا من الكراهية باسم الدين، وأما وصْف البعض للمسلمين بأنهم العدو، فإنه أمر لا يفيد إلا فئة المسلمين المتطرفين الراديكالي ين الذين يُحاولون تصوير الحرب الأمريكية على الإرهاب أنها الحملة الصليبية الغربية على الإسلام". وقد انبرى عدد من الأساتذة للدفاع عن زميلهم بما يدعم مسيرة الاعتدال، فقال البروفسور "كارل إيرنست": "إن "سيلز" قدم إسهامًا جوهريًّا للأدبيات الدينية يجب أن يُهنأ عليه، وإنه سيلقى ترحيب العلماء والطلاب والمؤمنين الذين يبتغون فهمًا صحيحًا عن الإسلام وكتابه المقدَّس"[14]. وانبرت د. كارين آرمسترونج - أستاذة الإسلاميات بجامعة فرجينيا - قائلة: "إن مايكل سيلز قد أنجز خدمة لا تقدَّر بثمن، وذلك بأن جعل جمال القرآن وطاقته الروحية، وقوته المُقنِعة متاحةً للقارئ الغربي لأول مرة"[15]. ثم إن مارتن كريمر - أستاذ الدراسات الشرق أوسطية، ورئيس دورية الشرق الأوسط، ومدير مركز "موشي ديان" للدراسات الشرق أوسطية والإفريقية بجامعة تل أبيب، والأستاذ بعدد من الجامعات الأمريكية - شنَّ حربًا على أقسام الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية بالجامعات الأمريكية، متهمًا إياها بأنها صارت تُعنى بتقديم الإسلام المعتدل للأمريكان، بدلاً من أن يوفروا المعلومات الصحيحة لدعم اتخاذ القرارات حول الشرق الأوسط، وزاد من حملته على التعليم العام أيضًا، وأنشأ منظمةً لمراقبة الطريقة التي تدرس بها الإسلاميات في الجامعات، والتي تُسمى: مراقبة الحرم الجامعي، ومهمتها التبليغ عما يقوله أساتذة الإسلاميات وأساتذة الدراسات الشرق أوسطية، مما لا يَنسجِم مع الرؤية الصهيونية المتطرِّفة . الأمر الذي حدا بمجلس الأمن القومي الأمريكي أن يتدخل فيكلف معهد بحوث السياسات الخارجية التابع له بمتابعة الأمر والتوجيه بشأنه، فعُقد مؤتمر في 3 - 4 مايو 2003م؛ ليبحث عما يمكن أن يكون في دراسة الإسلام من محاذير، وتناول المؤتمر بالبحث موضوعات عدة، ودارت فيه مناقشات مستفيضة لينتهي إلى تحذير الأساتذة من دمغ المسلمين بالتُّهَم وتصويرهم على أنهم شيء واحد، فالإسلام ليس ظاهرةً ساذجة، والمسلمون لم يَخرجوا من قالب واحد. مع ملاحظة أن العداء الإسرائيلي قد قاد المسلمين للعداء مع الأمريكان، ولم يكن ذلك معهودًا من قبل ظهور الصراع العربي الإسرائيلي ، ولا يَخفى ما في هذه النتيجة من إيجابية في مقابل تلك الرؤية الصهيونية المتطرفة.
    المصدر: من كتاب: التطاول الغربي على الثوابت الإسلامية

    [1] الإسلام في المناهج الغربية المعاصرة؛ د. محمد وقيع الله، ط1، 2006م (ص: 25 - 26).

    [2] Orientalis m and the west: An attack on learned ignorange Time. april 16.1969, p54.
    [3] الإسلام والدعوات الهدامة؛ أنور الجندي، طبع المختار الإسلامي، القاهرة 1411هـ، (ص: 21).

    [4] التبشير والاستعمار في البلاد العربية؛ د. مصطفى الخالدي، د. عمر فروخ، المكتبة العصرية، صيدا، 1977م، (ص: 39 - 45).

    [5] Susan L. Duglass, and Rosse. Dunn "Interpret ing Islam in American Schools" The Annual of American academy of political and social sciences, p. 588. July 2003 p.62.
    [6] يراجع: الإسلام في المناهج الغربية المعاصرة؛ د. محمد وقيع الله (ص: 69 - 165).

    [7] صورة الإسلام والمسلمين في كتب الدين المعاصرة المقررة بجامعات أمريكا الشمالية، وقائع الندوة السنوية الثالثة لمعهد العلوم الإسلامية والعربية في أمريكا، 13 - 15 ذو القعدة 1415ﻫ، (ص: 251).
    [8] ومن تلك الدراسات أيضًا: دراسة د. محمد خليفة حسن، بعنوان: "أزمة الاستشراق الحديث والمعاصر".
    [9] كما في معهد السلام بواشنطن الذي أنشئ عام 1984م بقرار من الكونجرس، وكان من مهمته: بحث الأسباب الكفيلة بمنع انفجار الصراعات وأساليب احتوائها.
    [10] يراجع: ترجمة خطاب تشارلز في كتاب الإسلام والغرب، وقائع المؤتمر العام التاسع للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وزارة الأوقاف، القاهرة، 1418ﻫ، (ص: 822 - 823).

    [11] Samuel Huntington , who Are we, the challenge to Americans national Identity, Simon of schustes, New York, 2004, p. 62 - 64, p.173.
    [12] Clande Salhani, "Koran ic misreading " Culture vulture colamn, United pres Internatio nal 2002 - AUG - 9.
    [13] Joe Glover "Book Jail's to tell whole Trath, USA to day 2002 - AUG - 8.
    [14] الإسلام في المناهج الغربية المعاصرة (ص: 421، 422).

    [15] الإسلام في المناهج الغربية المعاصرة (ص: 421، 422).






  2. #2
    مشرف سابق الصورة الرمزية abomokhtar
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    4,025

    01 (2) رد: موقف مناهج التعليم الغربية من الإسلام

    من يوضح صورة الإسلام في عيون غير المسلمين؟


    هل يبحثُ غيْر المسلمين فِعْلاً عن حقيقة الإسلام؟ وإلى متى ستظلُّ صورة الإسلام الحقيقيَّة مُغيَّبَة عن غيْر المسلمين؟ ولماذا يُقتلُ الحوارُ الهادف مع غير المسلمين؟إنَّ جميع البشر ينتَسِبون إلى أبيهم آدمَ، ومنذ أنْ هبَطَ نَبِيُّ الله آدمُ - عليه السلام - إلى الأرضِ واستخلَفَه الله -تعالى- فيها، بَيَّنَ له طريقَ الهداية والرَّشاد، وطريق الغوايَة والفَساد، طريق الخيْر وطريق الشرِّ، وكانت البشريَّة عَبْر تاريخها الط*** تتقلَّب بين مَدٍّ وجذرٍ؛ في سعادة وشقاء، خيرٍ وشرٍّ، آمنٍ وخوف، ومن رحمة الله - عزَّ وجلَّ - بعباده أنْ تتابعتْ عليهم الرُّسلُ - عليهم الصلاة والسلام - وكانَ منهم إبراهيم وموسى، وعيسى ومحمد - عليهم السلام - وكلُّ هؤلاء الرُّسلِ كانوا يَدْعون إلى عبادة الله وحدَه، ويَأْمُرون بالخيْر، وينهون عن الشرِّ، ويُرشِدون إلى أسباب السعادة الحقيقيَّة ؛ ولذلك فالناسُ في كلِّ زمانٍ ومكان لا يستغنون عن هداية الله ورحمته، ومَهْمَا بلَغَ الإنسانُ من علْمٍ، فإنَّه لا يمكنه أنْ يستغني عن وحْي الله الذي أنزلَه على أنبيائه، وحاجته إلى هذا الوحي أعظمُ من حاجته إلى أيِّ شيءٍ.وكانَ الأنبياءُ يَدعون إلى غاية واحدة، ويَنشُدون هدفًا واحدًا مُحَدَّدًا ، فكلُّهم يدعون إلى الإسلام؛ ولذلك فإنَّ حاجةَ الناس إلى معْرفة حقيقة الإسلام وجوهرِه أكبرُ من حاجتهم إلى كلِّ شيءٍ، بما في ذلك عِلْم الطبِّ.قال ابنُ القيِّم: ألاَ ترى أنَّ أكْثرَ العالم يعيشون بغير طبيب، ولا يكون طبيبٌ إلا في بعض المدن، وأنَّ بَنِي آدمَ فُطِروا على تناوُلِ ما ينفعهم، واجتِنابِ ما يضرُّهم، وجعَلَ اللهُ لكلِّ قومٍ عادةً وعُرْفًا في استِخراج ما يهجمُ عليهم من الأدواء، حتى إنَّ كثيرًا من أصول الطبِّ إنَّما أُخِذتْ من عوائد الناس وعُرْفِهم وتجاربِهم، أمَّا سعادةُ أرواحِهم ونعيم نفوسِهم، فلا يُدرِكه إلا مَن اعتنقَ الحقَّ وصَدَّقَ به، ولا سبيلَ إلى معرفته إلا عن طريق الرُّسلِ.5 آلاف مليون غيْر مسْلم!والعالم اليومَ بحاجةٍ ماسَّة إلى معْرفةِ الإسلام معْرفةً صحيحةً؛ ففي العالمِ اليومَ ما يزيدُ على خمسة آلاف مليون إنسان لا يَدِينون بالإسلامِ، ومُعْظم هؤلاء لم تبلغْهم الدعوة إطلاقًا، أو بلغتْهم بصورة مشوَّهة، وإنَّ من أكبرِ معوقات الهدايَة إلى الإسلام ضَعفَ معْرفة المدعوِّ أو عدمَ معرفتِه بكَوْنِ الإسلام سبَبًا لمصلحته وسرورِه وسعادتِه في الدنيا والآخِرة، ويزدادُ أثَرُ هذا المعوق في العصْر الحاضر؛ بما يسعَى به كثيرٌ من المسلمين ومن غيْر المسلمين إلى تشويه صورة الإسلام.وإذا كان واقِعُ المسلمين اليومَ من أكبر الصَّوارِف عن الإسلام، فإنَّ الدعوة إلى الاحْتِكام إلى الحقِّ لا إلى الناس، ومعرفة محاسن الإسلام - هي طريق العُقَلاء من بَنِي البشر؛ لأنَّ قُطَّاعَ الطريق إلى الله من المسلمين ومن غيْر المسلمين تفنَّنوا في إبعاد الناس عن الإسلام.وفي سبيل التضليل يقفُ قُطَّاع الطريق عن الإسلام، فيلبسون على مَن يقتربُ من الهداية بادِّعائهم : أنَّه لا فَرْقَ بين الأديان كلِّها؛ يقول "مراد هوفمان": "لقد سمعتُ مرارًا قَبْل اعتناقي للإسلام مقولةَ: إنَّ التحوُّل من دين إلى دين آخرَ ليس له أهميَّة؛ حيث إنَّ الأديانَ كلَّها تُؤْمِنُ في آخَر الأمر بإلهٍ واحدٍ، وتدعو إلى الأخلاقيَّ ات والقِيَم ذاتِها.كما أنَّ الرَّواسِب َ الفِكْريَّ ة عن الإسلام قد تَصرِفُ عنه؛ تقول "مافيز جولي" - وهي إنكليزية -: "قرأتُ عدَّة كتبٍ عن الإسلام، وقرأتُ ترجمة معاني القرآن الكريم، إلا أنَّني كنتُ متأثِّرة بما سمعْتُه من فوق المنابر المسيحيَّة من الطَّعْن في الإسلام".الطعْن والتشهير:وكانَ للقرآن الكريم نصِيبُه من الطعْن والتضليل عن هدايته؛ ففي سبيل التضليل عنه كانَ نشْر الترجمات المحرَّفة التي تُشوِّه صورةَ الإسلام بجميع اللغات، وتتضمَّن هذه التراجِم الأكاذيبَ المدسوسة على الإسلام وعلى الكتاب العزيز، ووُضِعَتْ مثل هذه التراجِم في مُتناوَل الأيدي؛ في المكتبات العامَّة وغيرها، ويشهد لذلك ما ذَكَرَه "محمد جون ويستر" (إنجليزي) عن قصة إسلامه، إذ يقول: حَدَثَ عند إقامتي في أستراليا أنْ طلبتُ نسخةً من القرآن الكريم من مكتبة "سيدني " العامَّة، فما أنْ قرأتُ مقدِّمة المترجِم، حتى لمستُ التعصُّبَ ضدَّ الإسلام مكشوفًا مفضوحًا، فلم أتمالَكْ إلاَّ أنْ أقفلَ الكتابَ وأتركه، ولم أجدْ ترجمة أخرى، وبعد أسابيع ذهبتُ إلى "برت" في غربي أستراليا، فبادرتُ بالبحث في مكتبتها العامَّة عن ترجمة لمعاني القرآن الكريم، شريطة أنْ يكونَ المترجِم مسلمًا، ثم يقول: ولا أستطيعُ أنْ أعبِّرَ عن مدى تأثُّري بمجرَّد تلاوتي لأوَّل سورة فيه "سورة الفاتحة" بآياتها السَّبْعِ.وهذا يبيِّن أنَّ هناك طائفةً من الناس تبحثُ عن الحقِّ، وقد لا يتيسَّر لها الحصولُ على ما تريده، وإذا كانَ غيْر المسلمين يتأثَّرون بالكتب المترجَمة في طريق إسلامِهم، فإنَّه ليس هناك كتابٌ أعظم تأثيرًا ووَقْعًا في النفوس من كتاب الله - جلَّ وعلاَ - وهناك طائفة من غيْر المسلمين تأثَّروا بالقرآن الكريم قَبلَ إسلامِهم.يقول علي سلمان (فرنسي): "العام ل الرئيس في اعتناقي للإسلام هو القرآن الكريم، وإنِّي مَدِين للكتاب الذي ألَّفه مالك بن نَبِي، واسمه "الظاهرة القرآنيَّة".ومثله "د. هان ماركوس" (ألماني)، و"وليم بيكارد" (بريطاني)، ويذكر محمد شريف (من سريلانكا) - وكان قِسِّيسًا -: "أنَّ قراءة سورة الفاتحة والبقرة كانتا سببًا رئيسًا في إسلامه".والداعية البريطاني يوسف إسلام "كات استيفن"، قدَّمَ له أخوه ترجمةً لمعاني القرآن الكريم، فتأثَّر بها كثيرًا وأعْلَنَ إسلامَه.الترجمات المشوَّهة:وإذا كانتِ القراءة طريقًا إلى معرفة الإسلام، وتَصحِيح ما يَعْلَقُ بالأذهان عنه، فلا بُدَّ مع هذا من تَوضِيح ما قد يُشْكِلُ على غيْر المسلمين.يقول "إبراه يم ****" (من بريطانيا): قرأتُ ترجمة إنجليزيَّة لمعاني القرآن الكريم، وأتبعْتُها بأخرى أحسنَ منها، واقتنيتُ العديدَ من الكتب التي تتحدَّث عن الإسلام، فعلتُ ذلك وحْدي دونَ توجيهٍ من أحدٍ، حتى قابلتُ أَحَدَ الدُّعاةِ، فحدَّثَنِي عن الإسلام، فعَرَفْتُ منه أشياءَ كثيرة عن الإسلام والمسلمين.وهذا يتطلَّبُ من غيْر المسلمين أنْ يبحَثُوا عن حقيقة الإسلام من المسلمين أنفسِهم.وإنَّ الباحثَ المنْصِفَ الذي يبحثُ عن الحقِّ وحدَه، يتأثَّر بلا شكٍّ بقراءة ترجمة معاني القرآن الكريم.تقول "سميرة إيفان" (من بريطانيا): "لم أكنْ أتصوَّرُ أنَّ كتابًا في الدنيا يحوي كلَّ هذا العلمِ الواسع في شتَّى أمور الحياة، ومِن هذا الكتاب عرَفتُ الكثيرَ عن مكانة المرأة في الإسلام، وما تتمتَّع به من حقوقٍ، كما أنَّني آمَنتُ بلبْسِ الحجاب؛ فهو يرفع من مكانة المرأة، وينزِّهُها عن أنْ تكونَ وسيلةً لإثارة الشهوات".إنَّ الهاجسَ الأكبرَ لعالم اليوم هو العدْل، والعدْل والأمْن قرينان لا يفْتَرِقان ، وكثيرٌ ممَّن لا يعرِفون الإسلام لا يعلَمُون أنَّ أعظمَ عدْلٍ عرفَتْه البشريَّة كان في ظِلال الإسلام، فالظُّلم محرَّم على كلِّ أحدٍ في الإسلام، فلا يَظْلِم المسلمُ أحدًا من بني جنسه أيًّا كانتْ ديانتُه؛ بل لا يظلم الحيوان البَهِيم، ولقد نَعِمَ غيرُ المسلمين في بِلاد الإسلام بالعدْل، وشواهِدُ ذلك في تاريخ الإسلام لا تُحْصَر، وقد توعَّد النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- مَن ظلَم أحدًا مِن أهل الذمَّة والعهْد بقوله: ((ألاَ من ظَلَمَ مُعاهِدًا أو انتقَصَه، أو كلَّفه فوقَ طاقته، أو أخَذ منه شيئًا بغيْر طيبِ نفسٍ - فأنا حجيجُه يومَ القيامة)).وكان خليفتُه الثاني عمر بن الخطاب - رضِي الله عنه - يقول لعامِلِه: أوصيك ألا ترخص لنفسِك ولا لغيْرك في ظلمِ أهل الذمَّة، وفي لحظات مَوتِه كان يقول: أُوصِي الخليفة مِن بعدي بأهْل الذمَّة خيرًا؛ أنْ يُوفِي لهم بعهْدهم، وأنْ يقاتلَ مِن ورائهم، ولا يكلفهم فوقَ طاقتهم، وهذه غاية العدْل؛ ولذلك قال له رجلٌ من أهل الذمَّة عندما رآه نائمًا بلا حرسٍ يحرسونه: "عدَلت َ فأمِنتَ فنِمتَ!".منهاج العدْل:إنَّ البشريَّة اليومَ أحوجُ ما تكون إلى منهاج عدْلٍ تحتَكِمُ إليه، وإلى نبْذ التَّقلِيد وإيقاظ الفِطرة والعقل، وتَصحِيح الفِكْر وتَقوِيمه، وإنَّ الأصولَ المشترَكة التي تجمعُ المسلمين بغيرِهم من أكبر الأسباب التي تدعُو إلى الحوار البنَّاء بعيدًا عن الهوى والعصبيَّة ، فالحقُّ واحدٌ لا يتعدَّدُ، وهو إمَّا مع المسلمين أو مع غيرهم، ولا يعرفُ ذلك إلا من أنْصفَ في البحث عن الحقيقة، وتجرَّد عن الحُكْم المسبق على الآخَرين.إنَّ دينَ الإسلام موجودٌ حُسْنُه في العقْل، ويُسْرُه في النفوس، وإنَّما يعدلُ عنه مَن يعْدلُ لآفةٍ من آفات النُّشوء والتَّقليد ، ولو سَلِمَ المولود من تلك الآفاتِ، لم يعتقدْ غيرَه، ولم يخترْ عليه سِواه؛ ولذلك كانَ على العالِمين بحقيقة الإسلام وجوهرِه أن يُبيِّنوا لغير المسلمين محاسِنَ هذا الدين، وأنَّه السبيلُ الوحيد لسعادة البشريَّة، وأنَّ الله تعالى لا يقبلُ من أحدٍ دينًا سواه.



  3. #3
    مشرف سابق الصورة الرمزية abomokhtar
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    4,025

    افتراضي رد: موقف مناهج التعليم الغربية من الإسلام

    صورة الإسلام في الفكر الغربي بين القديم والحديث


    يذهب كثير من الباحثين إلى أن تاريخ العداء يبدأ من العصور الوسطى الأوروبية، إلا أن هذه الفرضية تدحضها وقائعُ كثيرة، بل وتصريحات عديدة لغربيين. يقول الكاتب والقائد الإنجليزي "جلوب" (1897م - 1986م): "إن تاريخ مُشكلة الشرق الأوسط إنما يعود إلى القرن السابع للميلاد"[1]؛ أي: إلى تاريخ ظهور الإسلام وبزوغ فجره على المعمورة؛ حيث أزال النور الإسلامي ظلماتِ عشرة قرون، تطاوَل فيها الغرب الإغريقي والروماني والنصراني على الشرق، فاحتلَّ أرضَه، ونهب ثروته، وقهر ثقافته، فكان الفتح الإسلامي تحريرًا للإنسان من الفتنة في الدين، وتحرُّرًا للأوطان من ذلك العدوان. ولقد رأى الغرب في هذه الديانة الوليدة عدوًّا عقائديًّا وحضاريًّا، يقدِّم محبة الله تعالى على محبة الإنسان، ويجعل التوحيد فكرة يتمحور حولها الإنسان، وذلك في مقابلة فِكرة تقديس الإنسان وعبادته، والتي قامت عليها أديانهم المحرفة، فلم تكن قضية الإسلام مُنازَعةً على ثروات، أو منافَسة على زعامات. عمل الغربيون من قديم وبمختلف فئاتهم على اعتبار الإسلام عدوًّا أيديولوجيّ ًا وحضاريًّا يجب القضاء عليه، يشرح هذه الفكرة المفكر الغربي "مونتغمري وات" قائلاً: "إن الإسلام من وجهة نظر المسيحية الغربية يتَّسم بخلفية إشكالية لاهوتية عميقة، لقد ظهر في أوائل القرن السابع للميلاد في محيط تميَّز بتأثُّره الروحي بالتقاليد اليهودية - المسيحية، مؤكدًا من ناحية وعبر التوحيدية الإبراهيمي ة صلته المبدئية بتلك التقاليد الشرقية اليهودية - المسيحية؛ ولكنه وضع نفسه من ناحية أخرى في خندق مضاد مُتعارض تمامًا مع التقاليد الدينية المذكورة. فمن خلال تعميم مطلق غير محدود للتوحيد، ألغى الإسلام في حقيقة الأمر أي إمكان لتجسيد الطبيعة الإلهية، مع نفي تام لفكرة الثالوث المسيحية، وبذلك التوجه العقائدي حطم الإسلام النظام البنيوي - اللاهوتي، الذي كان مُهيمنًا في التصورات المسيحية - لاسيما في العصر الوسيط - حول التكوين الإلهي للتاريخ، وحول التقديس، وتجسيد الإله ذاته، وهكذا كان ظهور الإسلام بالنسبة للديانتين اليهودية والمسيحية نوعًا من التحدي الديني - التاريخي"[2]. وتقول د. كارين آرمسترونج: "علينا أن نتذكَّر أن الاتجاه العدائي ضد الإسلام في الغرب هو جزء من منظومة القِيَم الغربية، التي بدأت في التشكُّل مع عصر النهضة والحملات الصليبية، وهي بداية استعادة الغرب لذاته الخاصة مرة أخرى، والقرن الحادي عشر كان بداية لأوروبا الجديدة، وكانت الحملات الصليبية بمثابة أول رد فعل جماعي تقوم به أوروبا الجديدة"[3]. وهنا يتعيَّن التنبيه إلى أن تصوُّر البعض اليوم أن خوف الغرب من الإسلام إنما باعِثُه ظاهرة "العنف" أو "التشدُّد" - عند بعض الجماعات الإسلامية - هو تصور لا يخلو من سذاجة أو سطحية. ولا شك أن موقف العداء متجذر لدى مؤسسات الغرب قبل عصر اليقظة الإسلامية بقرون متطاولة. فمارتن لوثر (1483م - 1546م) زعيم الإصلاح الديني، ورأس الكنيسة البروتستان تية، وهو الذي قرأ ترجمة معاني القرآن وما ذُكر فيه عن التوراة والإنجيل من التعظيم والتبجيل.. . ولم تكن الكاثوليكي ة بأحسن حالاً من البروتستان تية في صناعة هذه الأكاذيب. إن هذه الصورة لا يَشترك في رسمها دهاقنة النصرانية أو ساسة أوروبا وقادتها فحسب، بل يُشاركهم فيها أدباؤهم ومثقَّفوهم وفنَّانوهم . لقد ذهبت "ملحمة رولاند" (1100م) إلى إسقاط التثليث على المسلمين وعقيدة التوحيد، فتزعم أن المسلمين يعبدون ثالوثًا وثنيًّا، وأنهم إنما يُعظِّمون يوم الجمعة؛ لأنه يوم إلهة الحب فينوس، بينما يُعظِّم النصارى يوم الأحد؛ لأنه يوم الله! كل هذا الشحن المزيف للحقيقة؛ حتى يلتهب حماس عوامِّهم بالحقد على أهل الإسلام؛ لتُقام المجازر والمذابح باسم الله؛ ففي هذه الملحمة يُنادي الإمبراطور جنوده كي يذبحوا المسلمين، فيقول: "انظرو ا إلى هذا الشعب... سوف يُمحى اسمهم من فوق الأرض الزاخرة بالحياة؛ لأنهم يعبدون الأصنام، لا يمكن أن يكون لهم خلاص، لقد حكم عليهم، فلنبدأ إذًا تنفيذ الحكم، باسم الله"، ثم تبدأ المذبحة[4]. تلك باختصار صورة الإسلام القديمة كما عبَّر عنها ساسة وقادة ورهبان وفنانون، فهل تغيَّرت تلك الصورة في العصر الحديث؟! لعل في أنشودة الجندي الإيطالي لأمه جوابًا حين يقول لها: أماه.. أتمِّي صلاتك.. لا تبكي، بل اضحكي وتأملي، أنا ذاهب إلى طرابلس فرِحًا مسرورًا... سأُحاسب الديانة الإسلامية، سأقاتل بكل قوتي لمحو القرآن[5]. وكتبَت جريدة فرنسية عام 1926م تقول: "لقد استسلم عبدالكريم الخطابي من غير شروط، وخضع لحماية فرنسا، ذلك ما كنا نبغي، فالحادث مُهمٌّ؛ فهو يضرب الإسلام في الصميم، وبوسعنا الآن أن نَفتِك بهذا الدين الفتك الذريع"[6]. ولإنسانٍ أن يقارن بين هذا الكلام وبين كلام الأب أربان الثاني مفجِّر الحروب الصليبية في مجمع "كلير مونت" عام 1095م حين يقول: "أيها الجنود المسيحيون، اذهبوا وخلِّصوا البلاد المقدَّسة من أيدي الأشرار، اذهبوا واغسلوا أيديكم بدماء أولئك المسلمين.. ."[7]. وتتبين الإجابة مجددًا من قول "أيوحين روستو" - رئيس قسم التخطيط في وزارة الخارجية الأمريكية، ومُستشار الرئيس جونسون لشؤون الشرق الأوسط حتى عام 1967م - حيث قال: "يجب أن نُدرك أن الخلافات القائمة بيننا وبين الشعوب العربية ليسَت خلافات بين دول أو شعوب، بل هي خلافات بين الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحيَّة ، لقد كان الصراع محتدمًا بين المسيحية والإسلام منذ القرون الوسطى، وهو مستمر حتى هذه اللحظة بصور مختلفة، ومنذ قرن ونصف خضع الإسلام لسيطرة الغرب، وخضع التراث الإسلامي للتراث المسيحي، إن الظروف التاريخية تؤكِّد أن أمريكا إنما هي جزء مكمِّل للعالم الغربي؛ فلسفته وعقيدته ونظامه، وذلك يجعلها تقف معاديةً للعالم الشرقي الإسلامي بفلسفته وعقيدته المتمثلة بالدين الإسلامي، ولا تستطيع أمريكا إلا أن تقف هذا الموقف في الصف المعادي للإسلام وإلى جانب العالم الغربي والدولة الصهيونية. .."[8]. وفي أعقاب حرب رمضان 1393ﻫ أكتوبر 1973م أجرت صحيفة "لفيجارو" الفرنسية استفتاء للرأي العام الفرنسي، فأسفر الاستفتاء عن أن 45 % مع إسرائيل مؤيدون لها، و17 % يؤيدون العرب، و8 % مع الطرفين، و30 % لا رأي لهم، وأجرى المعهد الوطني استفتاءً للرأي العام في لندن، فأسفر عن أن 47.5 % من البريطانيي ن الذين شملهم الاستفتاء يؤيدون إسرائيل، في مقابل 5 % يؤيدون الدول العربية، وأجرى معهد "جالوب " الأمريكي استفتاءً للرأي عن النِّزاع في الشرق الأوسط يوم 6 أكتوبر، فأسفر عن أن 47 % من الأمريكيين يُؤيدون إسرائيل، في مقابل 6 % فقط يؤيدون الدول العربية[9]. وأرجعَت بعض الجهات هذه النتائج إلى ما تفعله الدعاية الصِّهْيَو ْنية في الرأي العام في العالم الغربي ومدى عمق جذورها فيه، إلا أن هذا ليس راجعًا إلى الدعاية الصهيونية وحدَها، بل إن ما تفعله هذه الدعاية هو تنشيط للرواسب القديمة التي خلَّفتها الحروب الصليبية من بُغضٍ وكراهية للمسلمين، تلك الأحقاد التي لا تزال وستظلُّ مُنطلَق التخطيط للعالم الغربي في علاقاته بالعالم الإسلامي في مختلف المجالات. والمفكِّر الإستراتيج ي الأمريكي - الرئيس الأسبق - ريتشارد نيكسون يذكر في كتابه: "الفرص ة السانحة": "إن العداء للمسلمين هو الأمر الأكثر شيوعًا، والأسوأ صورة لدى جمهور الأمريكيين "، "فكثير من الأمريكيِّ ين يتصورون أن المسلمين هم شعوب غير متحضِّرة، ودمويون، وغير منطقيِّين، ويعتقدون أن سيوف محمد وأتباعه هي السبب في انتشار الدين الإسلامي في آسيا وإفريقيا، وحتى أوروبا؛ ولذلك فإن الكثيرين من الأمريكيِّ ين قد أصبَحوا ينظرون إلى كل المسلمين كأعداء، وليس هناك صورة أسوأ في ذهن وضمير المُواطن الأمريكي من صورة العالم الإسلامي"، "ويحذّ ِر بعض المراقبين من أن الإسلام والغرب متضادان، وأن الإسلام سوف يُصبح قوة جيو***يتيك ية متطرفة، وأنه مع التزايُد السكاني والإمكانات المادية المتاحة سوف يؤلف المسلمون مخاطر كبيرة، وأنهم يوحدون صفوفهم للقيام بثورة ضد الغرب، وسوف يُضطر الغرب إلى أن يتَّحد مع موسكو ليواجه الخطر العدواني للعالم الإسلامي"[10]. وإذا كان ريتشارد نيكسون قد أعلن: "أنه ليست هناك صورة في ذهن وضمير المواطن الأمريكي أسوأ من صورة العالم الإسلامي"، فإن "صناعة هذه الصورة" - في الثقافة الغربية والضمير الغربي - سابقة على قيام إسرائيل، وحقبة النفط، وحركات الجهاد الإسلامي بلا شك؛ يقول د. محمد عمارة: فـ "الشها دات الألمانية" تُحدِّثنا عن أن "الإفر نج منذ الحروب الصليبية - أي: قبل نحو ألف عام - كانوا يُطلقون على العرب والمسلمين صفات الجنس الحيواني الحقير، والكلاب والخنازير" ! وهي الصفات التي لا تزال شائعة في صحافة الغرب المعاصر، وفي أفلام هوليوود[11]. كما أن تنامي الأصولية الإنجيلية في الولايات المتحدة الأمريكية - والتي أصبحت تشكِّل جماعات ضغط سياسي لها الدور الفعَّال في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية - يمثِّل بقية أجزاء الصورة القبيحة لصور التطاول في العصر الحديث، فهذه العقيدة الأصولية الإنجيلية يُؤمن بها تسعة من رؤساء أمريكا، وعاشِرهم الرئيس الأمريكي بوش الابن[12]. واعتقاد[13] هؤلاء الإنجيليين يفسِّر للمسلمين وللعالم كله الموقِف غير الأخلاقي لسياسة الولايات المتحدة المُنحازة والتي تكيل بمكيالين، فعلاقتهم بالدولة الصهيونية - وكما يقول كارتر في كتابه - علاقة متجذِّرة في ضمير وأخلاق ودين ومُعتقَدات الشعب الأمريكي. كما يفسِّر أيضًا هذا الاعتقاد المُنحرفُ الموقفَ المضاد الذي تتخذه الولايات المتحدة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية ، وبالأخص تجاه بيت المقدس، الذي يتعرَّض للتعديات الصهيونية والحفريات المزعومة بهدف هدمه لإقامة الهيكل المزعوم وفقًا لتصوراتهم الصهيومسيح ية المشتركة. وقد تزايد تحكم هذه الحركة الأصولية الإنجيلية في جميع سياسات الإدارة الأمريكية، وبالأخص في العقدين الأخيرين؛ بحيث صارت منطلقًا ودافعًا لتطاول الغرب بقيادة الولايات المتحدة على كثير من حرمات وثوابت الدين الإسلامي الحنيف، مستغلة النفوذ الاقتصادي والعسكري والسياسي في فرض ما تراه من مخططات وأهداف على دول العالم الإسلامي، دون اعتبار لسيادتها على أوطانها ومقدراتها! وهذه الحكومة الإنجيلية المُحافِظة الحاكمة في الولايات المتحدة لم تكن في حاجة إلى أحداث الحادي عشر من سبتمبر لإلصاق دعوى الإرهاب بجميع المنظمات والجمعيات والدول الإسلامية، وكل ما هنالك أن هذه الأحداث عجَّلت من تفعيل ثوابت عقائدية ودينية متلازمة لدى هؤلاء الأصوليين الجدد،؛ يقول القس (فرانكلين جراهام): "إن الإسلام دين شرِّير سيئ جدًّا"، ويقول: "إن الإرهاب جزء لا يتجزأ من تعاليم الإسلام"[14]. وقد بلغ الاستكبار الأمريكي الأُصولي في التدخل في ثقافات الدول العربية والإسلامية حتى إنه طبَع ونشَر ما يُسمى بالفرقان الأمريكي في بعض الدول العربية (بعدما حذف جميع الآيات القرآنية التي تتحدث عن اليهود والنصارى والجهاد في سبيل الله)! وفي مجال التطاول على الرموز والثوابت أيَّدت الأصولية المسيحية في أمريكا ما قام به أهل الدانمرك من تطاول على الرسول صلى الله عليه وسلم، وتناولت بعض الفضائيات ما قام به أحد زعاماتهم من تم*** لرسام الكاريكاتي ر الملعون! أما موقفهم من أولى القبلتين وثالث الحرمين المسجد الأقصى المبارك، فكما سبق وذكرنا؛ فهم يؤيدون ويُهلِّلون لكل الممارسات المعتدية على كيان المسجد؛ بزعم انسجام ذلك مع معتقدهم الخاص بهرمجيدون، الذي لا بد أن يسبقه هدم المسجد الأقصى المبارك وبناء الهيكل المزعوم. وبخصوص المظاهر الأخرى للعداء الصهيومسيح ي للإسلام وثوابته - والمتعلِّق بالجانب السياسي والعسكري - فقد كان للحركة الأصولية المسيحية الدور الأعظم في التأثير على القرار السياسي الأمريكي وما نتَج عنه من قرارات عُدوانية اتخذتها الإدارة الأمريكية على مدى السنوات الأخيرة! ولأن الحديث عن ذلك له مجالات أخرى فنَكتفي بالقول إجمالاً: إن الحركة الأصولية المسيحية كانت وراء ما حاق بالإسلام والمسلمين من نوازل ومآسٍ؛ كغزو بلدَين مسلمين، هما: العراق وأفغانستان ، والبطش بملايين المسلمين من شعبيهما، وما نتج عن سياسات أمريكا المنحازة للكيان الصهيوني، وما تبعها من حصار خانق لحكومة حماس الإسلامية، وللشعب الفلسطيني. وهكذا، فعداء المشروع الغربي للإسلام هو موقف مُعلَن من كثيرين في دوائر ومؤسسات صُنعِ القرار، وليس وهمًا صنعته "ذهنية المؤامرة"؛ إنما يُمثل مشكلةً أسبق وأعمق من الوقائع الطارئة والآنية التي أثمرتها حركات النهضة الإسلامية المعاصرة، أو بعض نظُم الاستبداد الحاكمة، أو بعض الحركات الجهادية هنا أو هناك. ولا يمنع وجود هذا التوجه العام من رصد شيء من التوجه الإيجابي في موقف الكنيسة أو موقف عدد من الأفراد؛ فمن ذلك أن الكنيسة الكاثوليكي ة ناقشت في مجمعها الفاتيكاني الثاني (1962م - 1965م) العلاقة بين الكنيسة والأديان غير المسيحية، ثم أصدرت بيانًا إيجابيًّا جاء فيه: "إن الكنيسة تنظر بعين الاعتبار أيضًا إلى المسلمين الذين يَعبدون الإله الواحد الحي القيوم الرحيم القادر على كل شيء، خالق السماء والأرض، الذين - أي: المسلمين - يجتهدون في أن يَخضعوا بكُليَّتهم حتى لأوامر الله غير المُعلَنة، كما خضع له إبراهيم، الذي يسند إليه بطيبة خاطر الإيمان الإسلامي، إنهم يُجلُّون يسوع كنبي وإن لم يعترفوا به كإله، ويُكرمون أمه مريم العذراء؛ بل إنهم بتقوى يتضرعون إليها أحيانًا! علاوةً على ذلك فإنهم ينتظرون يوم الدين عندما يُثيب الله كل البشر القائمين من الموت، ويعظِّمون الحياة الأخلاقية أيضًا، ويؤدون العبادة لله لا سيما بالصلاة والزكاة والصوم، وإذا كانت قد نشأت على مرِّ القرون مُنازعات وعداوات كثيرة بين المسيحيين والمسلمين، فالمجمع المقدَّس يحضُّ الجميع على أن يتناسوا الماضي ويَنصرفوا بإخلاص إلى التفاهُم المتبادَل، ويصونوا ويُعزِّزوا معًا العدالة الاجتماعية والخيارات الأخلاقية، والسلام والحرية، لفائدة الناس جميعًا"[15]. ولكن الأمر لم يَدُم ط***اً؛ ففي أكبر وأخطر مؤتمرات الكنائس الغربية - الذي انعقد في كولورادو بأمريكا سنة 1978م - قد أرجع هذا العداء الغربي المحموم للإسلام إلى ما رآه وأسماه بـ "الطبي عة الإسلامية المُناقضة للنصرانية" كما فهمتها الكنائس الغربية، فقالت مقررات هذا المؤتمر: "إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي تُناقِض مصادره الأصلية أسس النصرانية، وإن النظام الإسلامي هو أكثر النظم الدينية المتناسِقة اجتماعيًّا وسياسيًّا، إنه حركة دينية معادية للنصرانية، مُخططة تخطيطًا يفوق قدرة البشر، ولا بد من مئات المراكز التي تؤسس حول العالم بواسطة النصارى؛ للتركيز على الإسلام لفهمِه، والتعامل معه، واختراقه في صدقٍ ودهاء"[16]. ثم ها هو البابا الكاثوليكي بينديكت السادس عشر يَنسحِب من هذه المواقِف إلى مواقع مُتراجعة، فيُغيِّر ما أسموه بلجنة "حوار الأديان" إلى لجنة "حوار الثقافات.."، الأمر الذي يعد انقلابًا على نتائج المجمع الفاتيكاني التي تضمَّنت اعترافًا بالديانات الإبراهيمي ة[17]. وبالمثل، فكما رصدت تصريحات وكلمات إيجابية حول الإسلام من عشرات المثقفين والأكاديمي ين والسياسيين الغربيين، إلا أن الصوت الأعلى والكثرة الكاثرة لغير المُنصِفين !
    من كتاب: التطاول الغربي على الثوابت الإسلامية
    لفضيلة الدكتور: محمد يسري إبراهيم
    دار اليسر بالقاهرة

    [1] مقال بجريدة الشرق الأوسط، لجمال شاهين، عدد (9913) في 18 ذي الحجة 1426ﻫ، نقلاً عن كتاب للكاتب بعنوان "محمد" .
    [2] تأثير الإسلام على أوروبا في القرون الوسطى؛ مونتغمرى وات، موسكو، 1976م، (ص: 8 - 10).
    [3] مقال لجمال شاهين، بجريدة الشرق الأوسط.
    [4] صورة الإسلام في التراث الغربي؛ هوبرت هيركومر، وجيرنوت روتر، ترجمة: ثابت عيد، وتقديم: د. محمد عمارة، (ص: 18، 21، 23، 24، 43)، طبعة دار نهضة مصر، القاهرة 1999م.
    [5] القومية والغزو الأمريكي؛ لمحمد جلال كشك، نقلاً عن: "الرسو ل صلى الله عليه وسلم في عيون غربية منصفة"؛ الحسيني معدّى، دار الكتاب العربي، ط: 1، 2006، (ص: 57).
    [6] da acpechede constasnti ne (28 / 5 / 1926).
    [7] الحروب الصليبية؛ د. سيد عاشور، مكتبة الأنجلو المصرية.
    [8] قادة الغرب يقولون: دمروا الإسلام أبيدوا أهله؛ جلال العالم، مكتبة الصحابة، (ص: 31).
    [9] الإسلام قوة الغد العالمية،؛ باول شمتز، ترجمة: د. محمد شامة، طبعة مكتبة وهبة، القاهرة، (ص: 4).
    [10] الفرصة السانحة؛ لريتشارد نيكسون، ترجمة: أحمد صدقي مراد، طبعة القاهرة 1992م، (ص: 28، 138، 141، 152، 153).
    [11] في فقه المواجهة بين الغرب والإسلام؛ د. محمد عمارة، طبعة دار الشروق الدولية، القاهرة 2003م، (ص: 140).
    [12] كتاب البُعد الديني للرئيس الأمريكي، بتصرف.
    [13] تُعتبر هذه العقيدة امتدادًا لحركة الإصلاح الديني بزعامة مارتن لوثر التي بدأت كاحتجاج على البابا الكاثوليكي ، ورفضت توسُّط رجال الكهنوت بينهم وبين الله، ودعت إلى التطبيق الحرفي للكتاب المقدَّس وتفسيره دون الرجوع إلى رجال الدين، وبسبب ما تعرَّضت له هذه الطائفة البروتستان تية من حروب طائفية بينها وبين الكاثوليك، اضطر البروتستان ت إلى الهجرة إلى العالم الجديد، فتدفَّقوا على أمريكا بمجرد اكتشافها، وصاروا أكثر سكانها، وتأسَّس بذلك المجتمع الأمريكي على أساس بروتستانتي توراتي، وتبنى جميع العقائد التوراتية والأساطير المحرَّفة التي تتحدث عن نبوءات تتعلق بالأرض المقدسة وبالوعد المزعوم الذي بموجبه استحق اليهود الصهاينة استرجاع الأرض الموعودة من الفرات إلى النيل (فهم يعتبرون أرض كنعان كلها موعودة للساميين)، علمًا بأن العرب الفلسطينيي ن من الساميين من بني إسماعيل عليه السلام. تقول التوراة المحرَّفة في سفر التكوين: "ملعون كنعان، عبد العبيد يكون لأخويه، وقال: مبارك الرب إله سام، وقال: ليكن كنعان عبدًا لهم يَفتح الله ليافث فيسكن في مساكن سام، وليكن كنعان عبدًا لهم" ا. هـ، ثم يستند إلى الإصحاح 12: "ظهَر الرب لإبرام وقال: لنَسلِكَ أُعطي هذه الأرض"، ويقول: "قال الرب لإبرام: اذهب من أرضك وعشيرتك، ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أُريك، فأُهلِك أمة عظيمة، وأباركك، وأعظِّم اسمك، ويكون نسلك كتراب الأرض، ويمتدُّ غربًا وشرقًا وشمالاً وجنوبًا، ويتبارك فيك وفي نسلك جميع قبائل الأرض"؛ الإصحاح 28 من التوراة، متعامين عن انطباق هذه المواصفات على العرب المسلمين؛ فهم من الساميين من بني إسماعيل، وهم أكثر من المليار والربع كتراب الأرض، وموزَّعون في جميع أنحاء العالم. ويَعتنق الأصوليون المسيحيون العقيدة الألفية التي تتحدث عن النزول الثاني للمسيح، وأنه لا بد من الإعداد والتمهيد لهذا النزول بحشد وتجميع اليهود في فلسطين، وإعانتهم بالمال والسلاح لخوض معركة هرمجيدون التي يزعمون انتصار اليهود والنصارى على الوثنيين - أي: المسلمين بزعمهم - وذلك بأن يرتفع النصارى فوق السحاب، وأما المسلمون فسيغرقون في بحيرة النار المتَّقدة بالكبريت (رؤيا يوحنا اللاهوتي بالعهد الجديد).
    [14] انظر صحيفة الزيتونة الأمريكية في 30 أغسطس 2002.
    [15] الإسلام والمسيحيين ؛ د. إليسكي جورافيسكي، سلسلة أعلام المعرفة (215)، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، نوفمبر 1996، (ص: 117).
    [16] المصدر السابق.
    [17] لماذا يكرهونه؟ الأصول الفكرية لعلاقة الغرب بنبي الإسلام؛ د. باسم خفاجي (ص: 49).





    د. محمد يسري إبراهيم



  4. #4
    مشرف سابق الصورة الرمزية abomokhtar
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    4,025

    افتراضي رد: موقف مناهج التعليم الغربية من الإسلام

    الإسلام في الفكر الغربي

    بقلم / لواء مهندس أحمد عبد الوهاب - رحمه الله -
    رئيس مجلس إدارة جمعية العزيز بالله سابقاً

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد …
    لقد دأب الغرب المسيحي - بوجه عام - على الطعن في الإسلام ونبيه ، وتعرضت سيرة خاتم النبيين إلى التشويه والمغالطات والمفتريات على أيدي رجال الكهنوت المسيحي وتلاميذهم من المستشرقين والمنصِّري ن والكُتّاب ورجال الاستعمار .
    وهذا المقال الذي بين يدي القارئ يعرض مقالات في الإسلام لبعض العلماء والمفكرين والمستشرقي ن في الغرب ، يمكن اعتبارها نماذج لتطور الفكر الغربي في الإسلام خلال القرنين الأخيرين .
    فمن هؤلاء الغربيين من لا يزال - إلى اليوم - موثقًا بقيود الماضي إلا أن القوة الذاتية للحق أجبرته على أن يقول كلمة حق ، ومنهم من حطم تلك القيود تمامًا ، فاعتنق الإسلام وصار واحدًا من أفضل دعاته ، ومنهم من خلط في مفاهيمه بين هذا وذاك : ( عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) [ التوبة : 102] ، ومنهم من يصرح بانبهاره بالإسلام دينا وحضارة ومنقذًا للبشرية ، والله عليم بذات الصدور .
    مرجليوث مستشرق إنجليزي شديد التعصب ضد الإسلام ونبيه ، ولد عام 1858 م ، وتوفي عام 1940 م ، كان أستاذًا للغة العربية في جامعة أكسفورد منذ عام 1889 م ، وعضوًا بعدة مجامع علمية كالمجمع اللغوي الإنجليزي ، والمجمع العلمي العربي بدمشق ، والجمعية الشرقية الألمانية كما كان مرجليوث من محرري ( دائرة المعارف الإسلامية ) ، له مؤلفات عديدة عن الإسلام والأدب العربي وتاريخه ، ومنها كتابه ( أصول الشعر العربي ) ، وهو المرجع الذي اعتمد عليه طه حسين في كتابه عن ( الشعر الجاهلي ) الذي صدر عام 1926 م .

    يقول ( مرجليوث ) عن القرآن :
    باعتراف الجميع ، يحتل القرآن مكانة هامة بين الكتب الدينية العظيمة في العالم ، وعلى الرغم من أنه قد جاء الأحدث في قائمة مثل هذا النوع من الأعمال التي تعتبر مطلع عهد جديد في الفكر والتاريخ ، فيكاد لا يضاهيه عمل آخر في تأثيره العجيب الذي أحدثه في جموع هائلة من البشر ، لقد خلق طورًا جديدًا في الفكر الإنساني ونوعًا حديثًا من الشخصية الإنسانية .
    ففي بداية الأمر ، حوَّل القرآن عددًا من القبائل الصحراوية غير المتجانسة في شبه الجزيرة العربية إلى أمة من الأبطال ، ثم واصل ، على نحو مطرد ، خلق الهيئات الدينية السياسية الكبيرة في العالم الإسلامي ، والتي تعتبر إحدى القوى العظمى التي يجب على أوربا والشرق أن يحسبا لها حسابًا اليوم . اهـ .
    مونتجمري واترئيس قسم الدراسات العربية في جامعة ( أدنبره ) ، له عدة كتب ودراسات منها : ( من تاريخ الجزيرة العربية ) 1927 م ، و ( عوامل انتشار الإسلام ) 1955م ، و ( محمد في مكة ) 1958م .

    يقول ( مونتجمري وات ) في كتابه ( الإسلام والمسيحية اليوم ) :

    ( لست مسلمًا بالمعنى المألوف ، ومع ذلك فإني أرجو أن أكون مُسلمًا كإنسان استسلم لله ، بيد أني أعتقد أن القرآن وغيره من تعبيرات المنظور الإسلامي ، ينطوي على ذخيرة هائلة من الحق الإلهي ، الذي مازال يجب عليَّ أنا وآخرين من الغربيين أن نتعلم منه الكثير .
    ومن المؤكد أن الإسلام منافس قوي في مجال إعطاء النظام الأساسي للدين الوحيد الذي يسود في المستقبل .
    إدوارد مونتيه مستشرق من أصل سويسري ، ولد عام 1856 م ، ودرس في جامعات جنيف وبرلين وهايدلبرج ، حصل على الدكتوراه في اللاهوت من جامعة باريس عام 1883م ، عيّن أستاذًا للعبرية والأرامية والعهد القديم في جامعة جنيف ، ثم أضيف إليه العربية وتاريخ الإسلام ، رأس جامعة جنيف ( 1910 - 1912 ) ، تُوفي عام 1927م .

    يقول إدوارد مونتيه في كتابه : ( الدعاية المسيحية وأعداؤها المسلمون ) :

    إن الإسلام في جوهره دين عقلاني وفق أوسع المعاني لهذا المصطلح من الوجهة الاشتقاقية والتاريخية ، إن تعريف العقلانية ؛ باعتبارها نظامًا يقيم المعتقدات الدينية على مبادئ يدعمها العقل ، إنما ينطبق تمامًا على الإسلام ، وعلى الرغم من التطور الخصب ، بكل ما في هذه الكلمة من معنى ، لتعاليم النبي ، فقد احتفظ القرآن بمنزلته الثابتة ، كنقطة البداية الرئيسية لفهم الدين ، وصار يعلن دائمًا عن عقيدة توحيد الله في سمو وجلال وصفاء دائم مع اقتناع يقيني متميز ، من الصعب أن يوجد ما يفوقه خارج نطاق الإسلام ، إن هذا الإخلاص للمعتقد الأساسي للدين ، والبساطة الجوهرية للصيغة التي ينطق بها ، والبرهان الذي يكتسبه من الاقتناع الذي يلتهب حماسة لدعاته القائمين بنشره ، كل ذلك يقدم أسبابًا كثيرة تعلل نجاح مجهودات الدعاة المسلمين .
    إن عقيدة بمثل هذه الدقة ، ومجردة من كل التعقيدات اللاهوتية ، وبالتالي يمكن للفهم العادي أن يتقبلها بسهولة ، فمن المتوقع أن تكون لها قدرة عجيبة - وهي في الواقع تمتلك هذه القدرة - على اكتساب طريقها إلى ضمائر البشر .
    جورج برنارد شو كاتب ومفكر أيرلندي ، ولد عام 1856 م ، وتُوفي عام 1950 م ، اشتهر بنقده اللاذع للمجتمع البريطاني ، وخاصة في عصر الملكة ( فكتوريا ) ، ( توجت ملكة عام 1837 م وتوفيت عام 1901م ) ، وقد بلغت الإمبراطور ية البريطانية أوجها في العصر الفكتوري ، كذلك اشتهر ( برنارد شو ) بنقده للغرب بوجه عام ، وقد حصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1925م .

    يقول ( جورج برنارد شو ) :
    لقد كنت دائمًا احتفظ لدين محمد عندي بأعلى التقدير ، وذلك بسبب حيويته المدهشة ، إنه الدين الوحيد الذي يبدو لي أنه يمتلك القدرة على استيعاب تغير أطوار الحياة بما يجعله محل إعجاب لكل العصور .
    لقد درست محمدًا - ذلك الرجل العجيب - وفي رأيي أنه أبعد ما يكون عمن يسمى ضد المسيح ، ويجب أن يسمى : منقذ الإنسانية .
    إني أعتقد لو أن شخصًا مثله تولى الحكم المطلق للعالم المعاصر لنجح في حل مشاكله بطريقة تجلب له ما هو في أشد الحاجة إليهما من سلام وسعادة .
    لقد تنبأت بأن دين محمد سيكون مق***اً في أوربا الغد ، كما أنه بدأ يكون مق***اً في أوربا اليوم .
    هاملتون جب يعتبر واحدًا من أكبر المستشرقين الإنجليز في العصر الحديث ، عضو المجمع العلمي العربي في دمشق ومجمع اللغة العربية في القاهرة ، وهو أستاذ الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة هارفارد الأمريكية ، ومن كبار محرري وناشري دائرة المعارف الإسلامية .

    يقول ( هاملتون جب ) في كتابه ( الإسلام إلى أين ؟ ) :

    لا يزال لدى الإسلام فضل آخر يبذله من أجل قضية الإنسانية ، فهو يقف ، على كل حال أقرب إلى الشرق أكثر من موقف أوربا منه ، كما أنه يمتلك تقاليد رائعة فيما يتعلق بالتفاهم والتعاون بين أجناس البشر ، فلم يحرز أي مجتمع آخر - غير الإسلام - مثل هذا السجل من النجاح في التوحيد بين القدر الهائل والمتنوع من الأجناس البشرية بتحقيق المساواة أمام القانون ، وتكافؤ الفرص للجميع .
    ولا يزال الإسلام قادرًا على تحقيق مصالحة بين عناصر الجنس البشري وتقاليدها التي تستعصى على التصالح .
    وإذا قدر أن يحمل التعاون ، يومًا ما ، محل التعارض القائم بين المجتمعات الكبيرة في الشرق والغرب ، فإن وساطة الإسلام تصبح شرطًا لا غنى عنه ، إذ يكمن بين يديه ، إلى حد كبير ، حل المشكلة التي تواجه أوربا في علاقتها بالشرق




المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 36
    آخر مشاركة: 04-21-2023, 01:42 PM
  2. مشاركات: 231
    آخر مشاركة: 04-20-2016, 11:37 PM
  3. مشاركات: 109
    آخر مشاركة: 08-31-2015, 07:08 PM
  4. مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 11-30-2012, 06:00 PM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •