السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
أنا طالب عمري 19 سنة، واجهت صعوبة كبيرة ومشاكل عديدة في السنة الأخيرة من الثانوية بسبب ضغط الأهل لكي أحقق معدلا عاليا، وبالتالي حصلت على معدل ليس بجيد بسبب كثرة الضغط والتوتر الذي أصابني، فاضطررت أن أدرس خارج بلدي، وأن أترك أهلي، والآن أكملت سنة من الدراسة خارج البلد -والحمد لله- ولكن في الفترة الأخيرة أصبح عندي مشكلة، وهي الهروب من الواقع أو الهروب من المسؤليات والواجبات، ومنها الدراسة وأداء الصلاة وغيرها، وأصبحت أحب الجلوس في غرفتي مع نفسي أكثر من الجلوس مع الناس، وأصبح عندي أفكار بالانتحار، مع أنني أعرف أني لن أفعل ذلك أبدا، ولكنها مجرد أفكار، وأصبحت أشتم أهلي وجميع أصدقائي في سري عندما يتكلمون معي، مع أنهم يحبونني إضافة إلى أن لدي القولون العصبي، فهل هناك حل دون الذهاب لطبيب نفسي؟





الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالذي يظهر لي أنك تمر بحالة مزاجية سلبية -نسميّها بعدم القدرة على التواؤم أو التكيُّف- فأنت الآن خارج بلدك، وكما تفضلت وذكرت أن هناك ضغوطًا قد مُورست عليك من جانب الأسرة حتى تكون من المتميزين، ومهما حسنتْ المقاصد فالضغوطات النفسية قطعًا لها تأثيرات سلبية.

وضعك الآن -إن شاء الله تعالى- ليس بالسيئ الذي تتصوره، موضوع الانسحاب الاجتماعي والانعزال وما ذكرته حول الانتحار أعتقد كلها أمور ظرفية مرتبطة بوضعك الحالي، وكما ذكرت لك هذه الحالة نسميها بعدم القدرة على ال**** أو عدم القدرة على التواؤم، والإنسان يحس فيها بشيء من الإحباط والضجر، وأنت أصلاً لديك القولون العصبي، وهذا يدل على أنك لديك قابلية للقلق والتوترات.

أيها الفاضل الكريم: انظر للحياة بمنظار آخر، أنت صغير في السن، لديك الإمكانات الجسدية والنفسية والطاقات الشبابية، يجب أن تسخرها بصورة إيجابية.

أمر الصلاة أمر عظيم، والإنسان حين يستشعر عظمة الأمر لابد أن يؤديه، لا مساومة في أمر الصلاة، هي رأس الأمر، بل هي رأس الرمح في كل شيء، وهي عماد الدين، وهي أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة.

أيها الفاضل الكريم: لو عرفت عظمة الشيء لن تتهاون في أدائه، إذن انقل نفسك نقلاً فكريًّا حول هذا الموضوع، بل أريدك أن تتخذ الصلاة وسيلة لحسن إدارة الوقت، قل لنفسك: (سوف أقوم بكذا وكذا قبل صلاة الظهر، سوف أفعل كذا بعد صلاة العصر، سوف أؤدي الواجب الفلاني قبل صلاة العشاء) وهكذا، هذه هي الطريقة التي يُدير بها الإنسان حياته، وأنت – يا عمر – من الشباب الواعد، عمرك المتقد هذا بطاقاته النفسية والجسدية يجب أن تحركّه وتستفيد منه بصورة إيجابية، أريدك أن تخرج، أريدك أن تمارس الرياضة، أريدك أن تكون متفاعلاً، وتذكر مقولتي هذه، وهو أن بناء الشباب لا يتم إلا من خلال مكتسبين: الدين، والعلم. احرص على ذلك.

تصور نفسك بعد ست أو سبع سنوات من الآن، قطعًا سوف تحسُّ براحة وسعادة عظيمة حين تكون متحصلاً على مؤهلك العلمي، تجد الوظيفة، تتزوج، فضع لنفسك أهدافًا، وهذه ليست أحلاما، هذه حقائق، هذا واقع، فأرجو أن تغيّر نفسك فكريًا.

وفي ذات الوقت ليس هنالك ما يمنعك أبدًا من تناول أحد محسنات المزاج، هنالك أدوية ممتازة تحسُّن الدافعية والمزاج، منها عقار يعرف باسم (فلوكستين) له مسميات تجارية كثيرة، من أشهرها وأهمها (بروزاك) لكن ربما تجده تحت مسمى تجاري آخر في البلد الذي أنت فيه، وإن لم يُصرف لك دون وصفة طبية فاذهب إلى الطبيب، ليس من الضروري الطبيب النفسي، حتى الأطباء العموميون يمكن أن يصفوا هذا الدواء، اذكر للطبيب أنك تعاني من شيء من الكدر والضجر وعسر المزاج، وقد نصحناك بتناول الفلوكستين .

الجرعة هي كبسولة واحدة في اليوم (عشرون مليجرامًا) تناولها بانتظام لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناول الدواء.

وير** الاطلاع على هذه الاستشارات حول وسائل المحافظة على الصلاة وحكم تاركها: 17395 - 55265 - 2133618 - 55265.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وإن شاء الله تعالى نسمع عنك كل خير.