الدكتورة سميرة موسى .. الحرف والنزف
(1)
صنعتُ بحثا عن الدكتورة سميرة موسى في العام 2003م اعتمد على المراجع الآتية: المرأة في عيدها .. د. سميرة موسى، الهيئة العامة لقصور الثقافة. وموسوعة الصفوة لمحمد صادق ج3، وملحق جريدة الأهرام عرض كتاب "اغتيا ل العقل العربي" لعبد الله بلال عرض علية سيف النصر /2002/2/1، وعدد السبت6/7/2002 للأهرام لعلاء عبد الله "حكاية قرية"، ومجلة الشباب عدد فبر*** 1991م وعدد يوليو 2000م، ومجلة محلية "صوت سنبو" أصدرتها مدرسة وحدة سنبو بالتعاون مع الوحدة المحلية 1/3/1986م، ومجلة "مصر الأمل" محلية أيضا 1986م، وبحث مخطوط من دون غلاف.
صنعت هذا البحث قبل أن تكون الدكتورة سميرة موسى موضوعا في مقرر اللغة العربية للمرحلة الإعدادية في التعديل الأخير، وأهديته مكتبة دكتورة سميرة موسى بقريتها قرية سنبو الكبرى، وهنا أجتزئ منه هذا المقال للنشر الإلكتروني الواسع.
(2)
في 3/3/1917م كان والدها الحاج علي موسى سليمة يدعو أن يكون مولوده الرابع ذكرا كما تقول الحاجة فكرية أختها الكبيرة، لكنها جاءت بنتا وأسماها سميرة.
التحقت سميرة بكتاب الشيخ حماد عطوة بدرة، وأتمت حفظ القرآن في سنتين.
ولما أنشئت المدرسة الأولية 1925م التحقت بها وكانت إذ ذاك في الثامنة من عمرها، ونالت إعجاب أستاذها الأستاذ سيد محمد البكري رحمه الله. وكانت في عمر العاشرة تقرأ لوالدها الجرائد.
وبعد إلحاح الأستاذ سيد محمد البكري على والدها الحاج علي موسى سليمة بالسفر إلى القاهرة لتكمل سميرة تعليمها باع الأب ممتلكاته واشترى لوكاندة النيل بالعتبة، والتحقت سميرة بمدرسة "قصر الشوق الابتدائية"، وكانت من أوائل خريجيها.
ولم تكن هناك مرحلة إعدادية فالتحقت سميرة موسى بمدرسة "بنات الأشراف الثانوية الأهلية" بإدارة السيدة "نبوية موسى".
وفي السنة الثانية ألفت كتابا أسمته "الجبر الحديث" تُسهِّل فيه الرياضيات على زميلاتها، وكتبت على غلافه: "الجزء الأول، السنة الأولى الثانوية، تأليف سميرة موسى بمدرسة بنات الأشراف". وأهدته أستاذها حلمي أفندي قائلة في الصفحة تالية الغلاف: (إلى أستاذي حلمي أفندي أتقدم بكتابي "الجبر الحديث" إليكم بعد انتهائي من تأليفه، وهو ثمرة نبعت من غرس أياديكم البيضاء، وهاك الكتاب راجية أن يحوز على عطفك السامي ورضاك".
وفي السنة النهائية قررت أن تنتقل إلى مدرسة الأميرة فوزية؛ لأن مدرستها خالية من معمل، ولما علمت السيدة نبوية موسى أنشأت معملا في مدرستها لتظل سميرة بها، حتى تكون مدرستها صاحبة المركز الأول على القطر المصري في النتيجة التي كانت فيها سميرة الأولى على القطر المصري.
(3)
وبعد الثانوية ثار جدل أسري بين التحاقها بالجامعة وتزويجها من قريب تقدم لخطبتها، وبعد محاولات التحقت سميرة بكلية العلوم بعد بدء الدراسة، وحصلت على بكالوريوس العلوم في 1939م.
ولم تكن الدراسة شغلها الوحيد، بل كان لها نشاط اجتماعي تمثل في تأسيس جمعية "الطلبة لنشر الثقافة" في القرى والأحياء الشعبية، والتحقت بجماعة "النهضة الاجتماعية" لنشر القيم الاجتماعية .
(4)
وبعد جدال كبير في الجامعة هدد الدكتور علي مصطفى مشرفة عميد كلية العلوم باستقالته إن لم تعين سميرة علي موسى سليمة معيدة بالكلية- عملت سميرة موسى معيدة بكلية العلوم.
ونظمت جامعة فؤاد الأول بعثة كانت سميرة من أعضائها لكن اندلاع الحرب العالمية الثانية منعتها، فسجلت درجة الماجستير في موضوع "التوصيل الحراري للغازات"، وحصلت عليها نهاية 1942م، وأثبتت فيها أن هناك غازات لو كثفت لأكسبها ذلك قدرة تفجيرية تكفي لحرق مدينة كاملة. ولم يُفهم ذلك حق الفهم إلا بعد قنبلتي نجازاكي وهيروشيما 1945م.
وفي نهاية 1945م خصصت إنجلترا منحة دراسية لسميرة موسى مدتها ثلاث سنوات ونصف للحصول على الدكتوراه، لكنها لم تنفذها لأسباب غير معلومة. ولم تتقدم سميرة إلى جامعة فؤاد الأول للحصول على الدكتوراه كما فعلت في الماجستير، وانتظرت حتى 1947م حيث جددت إنجلترا المنحة، وسافرت سميرة وحصلت على الدكتوراه في "امتصاص المواد أشعة إكس" في 22/9/1948م.
وبهذا تكون الدكتورة سميرة علي موسى سليمة قد حصلت على الدكتوراه في نصف الزمن المحدد لها، فصرفت بقيته في أبحاثها حتى وصلت إلى معادلة خطيرة تساعد في تفتيت المعادن الرخيصة المنتشرة في كل بقاع الأرض كالخارصين والنحاس؛ مما يتيح للجميع امتلاك القنبلة الذرية، ويكسر احتكارها ممن يمتلك اليورانيوم المخصب.
وقد وصفها أستاذها الدكتور فلينت بأنها مس كوري المصرية، وتنبأ لها بنجاح في مجال العلاج الإشعاعي. وكذلك أستاذها بدفورد الذي قرر أنها يمكن أن تغير وجه الإنسانية لو وجدت المعونة الكافية.
(5)
وعادت الدكتورة سميرة علي موسى سليمة محاولة جعل علاج السرطان بالراديوم كعلاج الصداع بالأسبرين، وشاركت في معهد الراديوم وكلية الطب، وشاركت في تأسيس مؤسسة الطاقة الذرية، واشتركت في لجنة الطاقة والوقاية من القنبلة الذرية. ولم يصرفها كل ذلك عن هوايات كانت تشغل بها ما تبقى من وقتها البحثي والعلمي والعلاجي، مثل: إجادة العزف على العود بالنوتة الموسيقية، وتحميض الصور وطبعها، والتصوير الفوتوغراف ي، وفن التريكو.
(6)
وفي النصف الأول من1952م سافرت الدكتورة سميرة علي موسى سليمة في برنامج التبادل الثقافي بين أساتذة الجامعات الأمريكية المصرية "فولبرايت"؛ لتكمل أبحاثها في جامعة سان لويس بميسوري ***اية واشنطن. وزارت المعامل الذرية، واطلعت على أحدث ما وصلت إليه الأبحاث الذرية الأمريكية، وتبادلت الأبحاث مع الأمريكان. وفي أوكرج ***اية تنيس زارت أكبر مصنع سري لأبحاث الذرة، وأعطوها الحرية في التنقل والمعرفة.
لكن ... كلما زادت الحرية الممنوحة من الغرب لغير الغربيين زاد الخطر!
وعرضت عليها أمريكا البقاء والتجنس لكنها رفضت كما قالت في رسالة إلى والدها، وكانت أمنيتها أن تجعل مصر على رأس الدول المتقدمة لو وجدت المعامل الملائمة.
(7)
في 18/8/1952م كانت الدكتورة سميرة موسى في طريقها لزيارة معامل علوم الذرة ***اية كاليفورنيا لتلقي محاضرة، وبينما هي في الطريق إذ بسيارة تدفع سيارتها من فوق جرف عال لتودي بحياتها. وفي أواخر أغسطس 1952م نشرت جريدة المصري خبر موتها نقلا عن المتحدث باسم السفارة المصرية، وتوالى النشر، لكن لا جديد في مصرعها.
(8)
وفي 1953م كرمها سلاح الإشارة بالجيش المصري.
وفي عام 1954م نشرت الصحافة ذكراها في قصيدة، ووصفت والدها بالاقتصادي الكبير .
وفي 1981م منحها الرئيس محمد أنور السادات وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى.
وسميت المدرسة الإعدادية بقريتها سنبو الكبرى زفتى غربية باسمها.
وكذلك سميت المكتبة التي أنشئت بقريتها سنبو بجانب المدرسة السابقة تابعة لهيئة قصور الثقافة.
وفي العام الدراسي 2012/2013م جاءت مقرر الصف الثالث الإعدادي الجديد محتويا موضوعا عن الدكتورة سميرة موسى ومعرفا بها في الموضوع الثاني من الوحدة الثانية ص46-47
(9)
وأرسلت مقالتي عن الدكتورة سميرة موسى إلى أخي الحبيب الشاعر أحمد عبد الله الهلالي فنظم منثوري شعرا في القصيدة الآتية؛ فبارك الله شاعريته وأدامها!
***
سميرة موسى .. شعر أحمد عبدالله الهلالي
السبت 14/ 2/ 2015

هل للعلوم لسانُ حالٍ باكي = أم في الشِّكاية ضاع كل تشاكي
أم هكَذا تبدو الحياةُ رخيصةً = ليَعيشَ مجدُ القاهرِ السفَّاكِ
مرحى (سَميرةُ). . كنتِ للدُّنيا هدًى = وخُطى العلومِ تأثَّرَت بخُطاكِ
مُذ كنتِ في كتَّاب شيخِكِ (بدْرةٍ) = ولعلَّه رجلٌ من النُّـسَّا كِ
وحفظتِ في عامينِ خيرَ هدايةٍ = للعالَمين فذاعَ مِنه سَناكِ

ورَقِيتِ في سلك الدراسةِ كلَّما = عُلِّمتِ شيئًا تحتويه رُؤاكِ
ألَّفتِ في الجبر الحديث صغيرةً = حتى تُنقِّيهِ من الأشواكِ
وظَللتِ حتى الثانويةِ في عُلًى = ترتيبُك الأولى على الأفلاكِ
ولحقتِ -بعدَ جدالِ أهلِكِ- بالعلو = مِ فكنتِ فيها قصةً للحاكي
وبلَغتِ شأوًا لا يُرامُ لطالبٍ = حتى يدافعَ عنكِ مَن ربَّاكِ

هذا هو العَلَمُ العميدُ (مشرَّفة) = علَم العلومِ ومُدركُ الإدراكِ
ولقَد وصلتِ إلى اكتشافٍ مذهلٍ = قبل اندلاع الحربِ في دُنياكِ
أثبَتِّ أنَّ هناكَ غازاتٍ إذا = ما كُثِّـفَت تكفي لحرقِ مِلاكِ
لكنَّهم لم يُدركوا هذا إلى = أن أُحرقَت بالفِعل (ناجازاكي)
فتوافدَت مِنحُ الدراسةِ مرةً = مِن بعدِ أخرى تبتغي لُقياكِ
ووجَدتِ في (إنكلتِرا) عونًا على = بعضِ الدراساتِ التي بِـجَناكِ
وتنبَّؤوا لكِ بالنجاحِ وقدرةٍ = في العلم تُبطل مذهب الأفَّاكِ
وظللتِ تكتشفينَ كلَّ عجيبةٍ = يَحتارُ فيها ذو العلومِ هُناكِ
لكن أرادوا مِنكِ أن تبقَي لهم = ويكونَ عِلمُكِ في المكان الزَّاكي
وسَعَوا بكل وسيلةٍ، لكن أبَت = نفسٌ زكَت أن ترتَمي بشِراكِ
فرمَوا بحافلةٍ تُقلُّكِ يا (سميـ = ـرةُ) وانتهَت في الحالِ كلُّ مُناكِ
كانت مُناكِ نُهوضَ (مصرَ) على الورى = فتصادمَت بمُنى ذَوي الإشراكِ
لكن عسى ذِكراكِ تُحيي أمَّتي = لتقودَ رَكبَ علومِنا.. وكَفاكِ