• المؤسسات المعنية بنشر الدعوة انشغلت بأمور البروتوكول ات ومنصات المؤتمرات
  • صورة المسئول الديني باتت هي المصاحبة للمسئول السياسي أينما حل وكان
  • لم يعد بيننا الآن من يرهق نفسه لتجديد الخطاب أو التصدي لهجمات المشككين
  • مرضى الإسلاموفو بيا علموا من أين تؤكل الكتف وبدأوا يتحكمون في انفعالاتهم
  • بلاغات ازدراء الأديان أضحت مضحكة في المحاكم وملت من تناولها الصحافة
  • الرواج الإعلامي للتيار المشكك يكشف الجرم الفادح في حق الدعوة من تيار متغال منفعل


الظهور المهندم والكلام المرتب والثبات الانفعالي والثقة بالنفس.. قد تكون ستائر سميكة لمرض نفسي أضحى يتفشى في نفوس الكثيرين ممن يظهرون على الشاشات وتخصص لهم منابر موجهة لسب الدين والتشكيك في ثوابته والنيل من مقدساته والطعن في نصوصه علنا. بالتأكيد لا هم أول من يوجهون سهامهم في وجه الاسلام ولا آخر من سيفعلون ذلك ، لكن المهين هي تلك الحالة من الجدل التي أحالت القضية والأزمة من خانة الجريمة الى فئة "حرية الرأي والتعبير" ، والأكثر استفزازا هي حالة اللامبالاة لدى المؤسسات الرسمية المعنية بنشر الدعوة والتي انشغلت بأمور البروتوكول ات ومنصات المؤتمرات ذات الطابع الأنيق اعلاميا ، والصفوف الأولى من حفلات التكريم والتعظيم والإشادة.لا أتفق مع هؤلاء المتصدين للدعوة الذين تبدو على ملامحهم علامات السخط إلا فيما عندما قال احدهم حين سألوه عن كونه داعية أو شيخا "أعوذ بالله أنا لست هذا ولا ذاك، أنا مفكر وباحث، والشيخ أو الفقيه أو المفتى هذه مناصب ليس بها أي إبداع حيث لا يملك أي منهم إلا ما قاله وما نطق به "صاحب المذهب" دون إنتاج أو إضافة جديدة، والداعية هو الذي يجلس يحكى للناس حواديت وهذا لا أفعله".لا شك أن الشيخ والفقيه والمفتي مناصب "مبدعة " تتشكل عقولها من فلاتر نورانية تستطيع أن تستخلص الحكم أو الفتوى من النص وتطبقه على الموقف بحكم الطبيعة والزمن والحالة ، وهذا معمول به في الإسلام ، ففقه الشافعي في العراق ليس كفقهه في مصر ، ومن المعروف عن "الاسل ام" مرونته ومعايشته للعصر مهما بلغ في تطوره ، إلا أن النص القرآني صالح للتطبيق في كل الأزمنة والأمكنة والحالات على تغيرها بفعل الشيخ أو الداعية أو المفتي أو المعني بتطبيقه أو الناشر لمفاهيمه ، والرأي السابق ذكره ربما يكون متسقا مع ما نشهده في هذا الزمن من تحول المنصب من "تنوير ي بحثي استخلاصي فقهي" الى "دبلوم اسي رسمي" حتى باتت صورة المسئول الديني هي المصاحبة للمسئول السياسي اينما حل وكان ، وصورة الداعية هي نفسها "الحكو اتي أو الحاوي" بتاع زمان. الخطاب الدينيلم يعد بيننا الآن من يرهق نفسه لتجديد الخطاب أو تطوير منظومة الفتوى أو التصدي لهجمات المشككين الداخلية بالدليل والحجة والعقل والمنطق ، وفي الواقع أن ما يثيره "اسلام بحيري" ماهي الا محض ادعاءات نشرها قبله كثيرون وثرثر بها من هم أعتى منه سخطا على الاسلام وقوبلت بالفلسفة العقائدية الدفاعية من رجال أخلصوا النية لله وحملوا على عاتقهم لواء الدفاع عن الاسلام بالفكر في مقابلة الفكر لا بالصوت العالي ورفع الأحذية والسب والشتم ، ولا بمحاضر الشرطة وبلاغات ازدراء الأديان التي أضحت مضحكة أروقة الأقسام الشرطية والمحاكم وملت من تناولها المواقع والمطبوعات الصحفية. ثوابت وأعداءوفي الحقيقة أن أعداء الثوابت ومرضى الإسلاموفو بيا علموا من أين تؤكل الكتف ، وبدأوا يتحكمون في انفعالاتهم ويرشقون الدين بأسهمهم المسمومة بدم بارد وأساليب هادئة وعبارات مرتبة وأسانيد تبدو حقيقية للناظرين حتى صنفوا أنفسهم من فئة التنويريين المتحضرين المجددين ، وأرغموا مجتمع الإعلام والنخبة على وضع مهاجميهم أو منتقديهم في فئة الرجعيين المتخلفين وربما الإرهابيين اذا لزم الأمر.والمتأمل لهؤلاء الدعاة المزيفين وطريقة قراءتهم للقرآن سيكتشف جهلهم بكتاب الله وآياته وأحكام تلاوته فضلا عن عدم علاقتهم باللغة العربية من الأساس ، فالقوة التي يظهر بها هؤلاء على الشاشة هشة ، لكن غفلة المعنيين بالدعوة وغلظة الغيورين على دينهم هي ما تمنحه القوة وتعزز من تصدره للمشهد وتمنحه لقب "تنوير ي" ، والمعلوم أن من يريد أن يفند شيئا فعليه دراسته جيدا، غالبا ما يكون المتصدون للدعوة على الفضائيات محدودي العلم بنطق القرآن وتفسير الحديث فكيف يخوضون لشرحها، واذا كان البعض يزعجه "الإما م البخاري" صاحب الصحيح في علم الحديث على الرغم من أن "صحيح البخاري" في حد ذاته مجرد فكر منشور في كتاب ، فلماذ لا يواجهه بفكره الذي يبدو للناس سلميا على الرغم من شيزوفرينيت ه وساديته التي دفعته يوما للمطالبة بإحراق صحيح البخاري.الأزهر ودورهعندما يتحدث البعض عن الازهر لا يدخر جهدا ولا لفظا في مهاجمة شيوخه ، والواقع أن "الأزه ر" بتجاهل هؤلاء شريك في ذلك، تلك المنظومة العالمية التي كانت تسير في خطى فريدة غير عابئة بالسياسة أو السلطة ، تمارس مهامها في نشر الدعوة والاسلام الوسطي في كل ربوع الأرض بما أوتيت من قوة العلم ونور الحكمة ، اللهم إلا اذا استدعاها الموقف وفرضت عليها الحالة الوطنية. إذن المشكلة ليست في هؤلاء الدعاة المزورين فهم أقل بكثير مما يدعون أو يقولون ، وشأنهم لا يرقى أن يُكتب عنهم هنا أو هناك ، وكلامهم ليس الأول أو الأخير وانما هي استدعاءات سخيفة لأفكار أبطلتها الأيام وتاهت بين طيات الحقيقة وذهبت مع أصحابها الى الجحيم ، وانما هذا التيار الرائج إعلاميا يكشف الجرم الفادح في حق الدعوة من تيار متغال منفعل يستدرجه البعض لوضع هذا الإطار من الرجعية والتطرف حول الدين ، وتيار آخر غير عابئ بالتجديد في خطابه ، قاصر اعلاميا لا يملك أساليب التواصل العصرية ، قابع في جلابيب الرسميات والروتين

http://www.el-balad.com/1457352