بقلم: أحمد حمدى
لا يكاد التلفاز يخلو من مشهد لام تبكى واطفال يسألون عن والدهم. لا تكاد الشوارع تخلو من لون الدم ورائحته. لا يزال الحزن مسيطرا لا يريد ان يغادر سماء هذا البلد. لا اريد ان اخوض فى السياسة فالكلام فيها ليس من اختصاصى ولم يكن محببا الى ولكن اكثر ما لفت نظرى هو اننا فى صراعنا هذا نفقد الكثير من انسانيتنا. لا تعنى مشاهد الحزن هذه للكثيرين شىء لو علموا بان الدم المسال هو للطرف المعارض والعكس صحيح. والاسوأ آن يبلغ الامر حد الشماتة.
لماذا دفعتنا هذه الاحداث لننسى ان الحق فوق الجميع، لماذا نتغاضى ونبرر اذا كان المخطىء من طرفنا، ونلوم ونفضح اذا كان من الطرف الاخر. لماذا نشمت فى خسائر الاخرين، لماذا لا يغلى الدم فى عروقك اذا انتهكت فتاة تنتمى للطرف الاخر بينما تستعد لقتل كل من يقترب من فتاة تنتمى لتيارك. لا اعرف الكثير عن كيف يتصرف رجال السياسة ولكنى اعرف كيف تصرف رسول الله فى مثل هذا.
رسولنا هو من قال "اليست نفسا" حين سأله احد الصحابة لماذا وقف حين مرت من امامهم جنازة لرجل يهودى. اذا كان هذا احترامه لرجل ميت، فكيف كان احتارمه للرجل الحى. اذا كان هذا احترامه "صلى الله عليه وسلم" للموت فكيف كان احترامه وتقديرة للحياة. لا اتحدث عن مثالية ولكنى اتحدث عن اخلاق نبوية اسلامية، للاسف لم نتعلمها. تعلمنا الكره، وضيق الافق، تعلمنا العنف والعصبية، لم نتعلم الحوار ولا تقبل الرأى الاخر وللاسف لا أبرىء نفسى.
الحق لا يحتاج الى السباب والشتائم وسوء الخلق.. اذا كان هذا هو تصرف الحق، فكيف اذا سيتصرف الباطل؟. {وَلاَ يَجْرِمَنّ َكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا ْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَ ى}.. [المائدة : 5]، لا تظلم شخص لانك لا تحبه، فانت لا تعامله هو، انما تعامل الله فيه.
قد نختلف وهو أمر طبيعى، لكن الا يمكن ان نظل اصدقاء. لماذا نعادى من يختلف معنا؟! فقط فكر فى الامر ستجد ان العداء يبدأ بمباريات الكرة وينتهى بالسياسة. يبدأ بالصراع على "ركنة" للسيارة ويمتد للصراع على مقعد فى البرلمان.
غاب الدين عنا فحدث ما حدث، غاب الدين عن واقعنا وعن حياتنا اليومية فاصبح حالنا كما ترى. نسينا اننا بشر، نسينا اننا من تراب وان لهذه الدنيا رب عنده تحتكم الخصوم. كلنا انسان، له نفس الهموم والرغبات. كلنا ذلك الشخص الذى يبحث لابنائه عن طعام، عن مصاريف للتعليم، عن ملابس جديدة لاول يوم عيد. لماذا لا نهتم ببعضنا؟ لماذا لم نعد كالجسد الواحد؟ كان رسول الله قدوة فى طيبته وحبه واهتمامه بشئون الصغير قبل الكبير، كان انسانا بكل ما تحمله هذه الكلمة من احساس...كا ن صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين.
فيا أمة الاسلام، يا اهل هذا البلد، ارحموا بعضكم.. يرحمكم الله.