عن أبي محمدٍ عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به))؛ حديثٌ صحيح، رويناه في (كتاب الـحجة) بإسنادٍ صحيحٍ.

ترجمة الراوي:
عبدالله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هشام بن سعيد بن كعب بن لؤي بن غالب، الإمام الحبر العابد، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن صاحبه، أبو محمد، وأمه هي رائطة بنت الحجاج بن منبه السهمية، وليس أبوه أكبر منه إلا بإحدى عشرة سنة أو نحوها، وقد أسلم قبل أبيه فيما بلغنا، ويقال: كان اسمه العاص، فلما أسلم غيَّرَه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبدالله؛ قاله الذهبي، وكان من فضلاء الصحابة وعبَّادهم وزهادهم، يصوم النهار ويقوم الليل، وكان أكثر الناس أخذًا للحديث والعلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يبلغ ما أسند سبعمائة حديث، اتفقا له على سبعة أحاديث، وانفرد البخاري بثمانية، ومسلم بعشرين، وقد عمي آخر عمره، وكان مع أبيه إلى أن توفي أبوه بمصر، ثم انتقل إلى الشام، ثم إلى مكة، ومات بها سنة خمس وستين، عن اثنتين وسبعين سنة[1].

منزلة الحديث:
◙ هذا الحديث مع وجازته يصلح أن يقال فيه: إنه كل الإسلام؛ لإفادته أن من كان هواه تبعًا لجميع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فهو المؤمن الكامل، ومن أعرض عن جميع ما جاء به ومنه الإيمان فهو كافر[2].
◙ قال الطوفي رحمه الله: وهذا الحديث على وجازته واختصاره من الجوامع لهذه الأربعين وغيرها من السنة [3].
◙ قال الشبشيري رحمه الله: هو حديث عظيم نافع وجيز، جامع لأفراد الشريعة [4].

غريب الحديث:
◙ هواه: ما تحبه نفسه وتميل إليه.
◙ تبعًا: أي تابعًا لما جئت به من الشريعة.
◙ لما جئت به: من الأوامر والنواهي.

شرح الحديث:
((لا يؤمن أحدكم))؛ أي: لا يؤمن الإيمان الكامل، وليس المراد به نفي الإيمان بالكلية.
((حتى يكون هواه))؛ أي: حبُّه وميله ((تبعًا))؛ أي: تابعًا ((لـما جئت به)) من الشريعة المطهرة، فلا يلتفت إلى غيرها.

الفوائد من الحديث:
1- يجب على المسلم أن يعرض عمله على الكتاب والسنة، ويسعى لأن يكون موافقًا لهما.
2- يجب تخلي الإنسان عن هواه المخالف لشريعة الله.
3- من لوازم الإيمان نصرة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4- أن الإيمان يزيد وينقص؛ كما هو مذهب أهل السنة والجماعة.


[1] السير (3/ 79) الإصابة (2/ 351 رقم 4847) أسد الغابة (3/ 349 رقم 3090).
[2] الجواهر اللؤلؤية شرح الأربعين النووية (367).
[3] التعيين في شرح الأربعين، للطوفي (331).
[4] الجواهر البهية (256).


عبدالعال بن سعد الرشيدي