لقد مرَّت برسول الله صلى الله عليه وسلم مواقفُ مختلفة اهتزَّت لها مشاعرُه، وتأثَّر بها وجدانُه، فترجَمَت ذلك عيناهُ بذرف الدموع، ودموعُ النبي صلى الله عليه وسلملم يكن سببها فقط الحزن أو الألم، بل تجاوزَت ذلك إلى الرحمة والشوق والمحبة والشفقة على الآخرين، وفوق كل ذلك كان أكثر دموعه بسبب خوفه وخشيته من الله تعالى، فتعالَوا نعرف ما الذي أبكى النبي عليه الصلاة والسلام.


(1)
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: اشتكى سعد بن عُبادة شكوى له، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يَعُوده مع عبدالرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهم، فلمَّا دخل عليه فوجده في غاشية أهله، فقال: ((قد قضى؟))، قالوا: لا يا رسول الله، فبكى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رأى القوم بكاء النبي صلى الله عليه وسلم بكَوا، فقال: ((ألا تسمعون؟! إن الله لا يُعذِّب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يُعذِّب بهذا - وأشار إلى لسانه - أو يرحَم، وإن الميِّت يُعذَّب ببكاء أهله عليه))؛ رواه البخاري، باب البكاء عند المريض، ورواه مسلم، باب البكاء على الميت.


(2)
عن أسامةَ قال: كان ابنٌ لبعضِ بنات النبي صلى الله عليه وسلم يَقْضي، فأرسلت إليه أن يأتيَها، فأرسَل: ((إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكلٌّ إلى أجَلٍ مسمى، فلتصبِرْ ولتحتَسِبْ ))، فأرسلتْ إليه، فأقسمتْ عليه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقمتُ معه، ومعاذ بن جبل، وأُبي بن كعب، وعبادة بن الصامت، فلما دخَلْنا ناوَلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبيَّ ونفْسُه تَقَلْقَلُ في صدره - حسبته قال: كأنها شَنَّة - فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال سعد بن عبادة: أتبكي؟! فقال: ((إنما يرحم اللهُ من عباده الرحماء))؛ رواه البخاري، باب ما جاء في قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِن ِينَ ﴾ [الأعراف: 56].


(3)
عن عمرو بن مُرَّة، عن إبراهيم، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن مسعود: ((اقرأْ عليَّ))، قال: أقرأُ عليك، وعليك أُنزِل؟ قال: ((إني أحب أن أسمعه من غيري))، قال: فقرأ عليه من أول سورة النساء إلى قوله: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 41]، فبكى"؛ رواه مسلم، باب فضل استماع القرآن، وطلب القراءة من حافظه للاستماع والبكاء عند القراءة والتدبر.


(4)
عن أبي هريرة، قال: زار النبي صلى الله عليه وسلم قبرَ أمِّه، فبكى وأبكى مَن حوله، فقال: ((استأذنتُ ربي في أن أستغفرَ لها فلم يُؤذَنْ لي، واستأذنتُه في أن أزورَ قبرَها فأذِن لي، فزُوروا القبور؛ فإنها تذكر الموت))؛ رواه مسلم باب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربَّه عز وجل في زيارة قبر أمه.


(5)
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخَلْنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سيفٍ القَيْنِ - وكان ظِئرًا لإبراهيم عليه السلام - فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم فقبَّله وشمَّه، ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجودُ بنفسه، فجعَلت عَيْنا رسولِ الله صلى الله عليه وسلم تذرفانِ، فقال له عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه: وأنت يا رسول الله؟! فقال: ((يا بن عوف، إنها رحمة))، ثم أتبَعَها بأخرى، فقال صلى الله عليه وسلم: ((إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يُرضي ربَّنا، وإنا بفراقِك يا إبراهيم لمحزنون))؛ رواه البخاري، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنَّا بك لمحزنون)).


(6)
عن جابر بن عبدالله قال: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدِ عبدالرحمن بن عوفٍ، فانطلق به إلى ابنه إبراهيم، فوجده يجود بنفسه، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه في حجْره فبكى، فقال له عبدالرحمن: أتبكي؟ أَوَلَمْ تكنْ نهيتَ عن البكاء؟! قال: ((لا، ولكن نهيتُ عن صوتينِ أحمقينِ فاجرينِ: صوتٍ عند مصيبةٍ؛ خَمْشِ وُجوهٍ، وشقِّ جيوبٍ، ورنَّةِ شيطان))، قال أبو عيسى: (وفي هذا الحديث كلامٌ أكبر من هذا)، هذا حديثٌ حسن؛ الترمذي، باب ما جاء في الرخصة في البكاء على الميت، وقال الشيخ الألباني: حسن.


(7)
عن عبدالله بن عَقيل أن معاذَ بن رِفاعة أخبره عن أبيه، قال: قام أبو بكرٍ الصديق على المنبر ثم بكى فقال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عامَ الأول على المنبر ثم بكى، فقال: ((اسألوا الله العفو والعافية؛ فإن أحدًا لم يُعطَ بعد اليقينِ خيرًا من العافية))؛ رواه الترمذي، وقال: "هذا حديث غريب من هذا الوجه عن أبي بكر رضي الله عنه"، وقال الشيخ الألباني: حسن صحيح.


(8)
عن حارثة بن مُضرِّب، قال: دخلتُ على خبَّاب، وقد اكتوى سبعًا، فقال: لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يتمنَّى أحدكم الموت))، لتمنَّيتُه ، ولقد رأيتُني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أملِكُ درهمًا، وإن في جانب بيتي الآن لأربعين ألفَ درهمٍ، قال: ثم أُتي بكفنِه، فلما رآه بكى وقال: لكن حمزةَ لم يُوجد له كفنٌ إلا بُرْدة مَلْحاء، إذا جُعِلت على رأسِه قَلَصت عن قدمَيْه، وإذا جُعِلت على قدمَيْه قَلَصت عن رأسه، حتى مُدَّت على رأسه، وجُعِل على قدمَيْه الإِذْخِرُ "؛ رواه أحمد، إسناده صحيح، رجاله ثقَات رجال الشيخين.


(9)
عن عطاءٍ قال: دخلتُ أنا وعُبَيد بن عُمَير، على عائشة، فقالت لعبيد بن عمير: قد آن لك أن تزورَنا، فقال: أقول يا أمَّهْ كما قال الأول: زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا، قال: فقالت: دعونا من رطانتِكم هذه، قال ابن عمير: أخبِرينا بأعجبِ شيءٍ رأيتِه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فسكتَتْ، ثم قالت: لَمَّا كان ليلةٌ من الليالي قال: ((يا عائشة، ذَريني أتعبَّد الليلةَ لربي))، قلت: واللهِ إني لأُحب قربَك، وأحب ما سرَّك، قالت: فقام فتطهَّر، ثم قام يُصلِّي، قالت: فلم يزل يبكي حتى بلَّ حِجْره، قالت: ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلَّ لحيتَه، قالت: ثم بكى فلم يزلْ يبكي حتى بلَّ الأرض، فجاء بلالٌ يُؤذِنُه بالصلاة، فلمَّا رآه يبكي، قال: يا رسول الله، لِمَ تبكي وقد غفر الله لك ما تقدَّم وما تأخَّر؟ قال: ((أفلا أكون عبدًا شكورًا، لقد نزلتْ عليَّ الليلةَ آيةٌ، ***ٌ لمن قرأها ولم يتفكَّر فيها: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَا تِ وَالْأَرْض ِ... ﴾))، الآيةَ كلَّها [آل عمران: 190]"؛ رواه ابن حبان، قال الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.


(10)
عن عبدالله بن عمرو بن العاص، أن النبي صلى الله عليه وسلم: تلا قولَ الله عز وجل في إبراهيم: ﴿ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ﴾ الآيةَ [إبراهيم: 36]، وقال عيسى عليه السلام: ﴿ إِنْ تُعَذِّبْه ُمْ فَإِنَّهُم ْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [المائدة: 118]، فرفَع يدَيْه وقال: ((اللهم أمتي أمتي))، وبكى، فقال الله عز وجل: ((يا جبريل، اذهَبْ إلى محمد - وربُّك أعلم - فسَلْهُ ما يُبكيك؟))، فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام فسأله، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال - وهو أعلم - فقال الله: ((يا جبريل، اذهَبْ إلى محمد، فقُلْ: إنَّا سنُرضيك في أمتِك ولا نَسُوءك))؛ رواه مسلم، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأمته وبكائه شفقةً عليهم.


(11)
عن عكرمة بنِ عمار، حدَّثني سِمَاك الحنفي، قال: سمعتُ ابن عباس يقول: حدَّثني عمر بن الخطاب، قال: لَمَّا كان يومُ بدر - ح: وحدثنا زُهير بن حَرْب، واللفظ له، حدَّثنا عمر بن يونس الحنفي، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثني أبو زُمَيل (هو سماك الحنفي)، حدَّثني عبدالله بن عباس، قال: حدَّثني عمر بن الخطاب، قال: لَمَّا كان يوم بدر - نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألفٌ، وأصحابه ثلاثمائة وتسعةَ عشرَ رجلًا، فاستقبل نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم القِبلةَ، ثم مدَّ يدَيْه، فجعَل يهتِفُ بربِّه: ((اللهم أَنجِزْ لي ما وعدتَني، اللهم آتِ ما وعدتني، اللهم إن تُهلِكْ هذه العصابةَ من أهل الإسلام لا تُعبَد في الأرض))، فما زال يهتف بربه، مادًّا يدَيْه، مستقبلَ القِبلةِ، حتى سقط رِداؤه عن مَنْكِبَيْ ه، فأتاه أبو بكر فأخذ رِداءَه، فألقاه على مَنْكِبَيْ ه، ثم التزَمَه مِن ورائِه، وقال: يا نبيَّ الله، كفاك مناشدتُك ربَّك، فإنه سيُنجِزُ لك ما وعَدك، فأنزل الله عز وجل: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيث ُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَا بَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم ْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِ كَةِ مُرْدِفِين َ ﴾ [الأنفال: 9]، فأمدَّه الله بالملائكة.


قال أبو زُميل: فحدَّثني ابن عباس، قال: بينما رجلٌ من المسلمين يومئذٍ يشتدُّ في أثر رجلٍ من المشركين أمامه، إذ سمِع ضربةً بالسوطِ فوقه وصوتَ الفارسِ يقول: أقدِمْ حَيْزُومُ، فنظر إلى المشرك أمامه فخرَّ مستلقيًا، فنظر إليه فإذا هو قد خُطِم أنفُه، وشُقَّ وجهُه، كضربةِ السوط فاخضرَّ ذلك أجمعُ، فجاء الأنصاري فحدَّث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((صدقتَ، ذلك مِن مَدَدِ السماء الثالثة))، فقتَلوا يومئذٍ سبعين، وأسَروا سبعين.


قال أبو زُميل: قال ابن عباس: فلما أسَروا الأُسارى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر: ((ما ترون في هؤلاء الأُسارى؟) )، فقال أبو بكر: يا نبي الله، هم بنو العمِّ والعَشيرة، أرى أن تأخُذَ منهم فِدْية، فتكون لنا قوَّةً على الكفار، فعسى اللهُ أن يَهديَهم للإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما ترى يا بن الخطاب؟))، قلت: لا والله يا رسول الله، ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تُمكِّنَّا فنضرِبَ أعناقَهم، فتُمكِّنَ عليًّا من عَقيل فيضربَ عنقَه، وتُمكِّني من فلانٍ - نَسيبًا لعمر - فأضربَ عنقه؛ فإن هؤلاء أئمةُ الكفر وصناديدُها ، فهَوِي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر، ولم يَهْوَ ما قلتُ، فلما كان من الغد جئتُ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر قاعدينِ يبكيان، قلت: يا رسول الله، أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبُك؟ فإن وجدتُ بكاءً بكيتُ، وإن لم أجد بكاءً تباكيتُ لبكائكما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أبكي للذي عرَض عليَّ أصحابك من أخذِهم الفداءَ، لقد عُرِض عليَّ عذابهم أدنى من هذه الشجرةِ - شجرة قريبة من نبي الله صلى الله عليه وسلم - وأنزل الله عز وجل: ﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ﴾ [الأنفال: 67] إلى قوله: ﴿ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا ﴾ [الأنفال: 69]، فأحل الله الغنيمة لهم؛ رواه مسلم، باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر، وإباحة الغنائم.


(12)
عن ثابت عن مُطرِّف عن أبيه قال: "رأيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يُصلِّي وفي صدرِه أَزِيزٌ كأزيزِ الرَّحَى من البكاء صلى الله عليه وسلم"؛ رواه أبو داود، قال الشيخ الألباني: صحيح.
وفي رواية للنسائي: "ولجوف ه أزيز كأزيز المِرْجَل" ؛ يعني يبكي.


(13)
عن عائشة قالت: "لَمَّ ا بعَث أهلُ مكة في فداءِ أَسْراهم، بعثَتْ زينبُ بنتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداءِ أبي العاص بن الربيع بمالٍ، وبعثَتْ فيه بقلادةٍ لها كانَتْ لخديجةَ، أدخلَتْها بها على أبي العاص حين بنى عليها، قالت: فلمَّا رآها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، رقَّ لها رِقَّة شديدة، وقال: ((إن رأيتُم أن تُطلِقوا لها أسيرَها، وتردُّوا عليها الذي لها، فافعَلوا)) ، فقالوا: نعم يا رسول الله، فأطلَقوه، وردُّوا عليها الذي لها"؛ رواه أبو داود وأحمد، قال الشيخ الألباني: حسن.


(14)
عن عطاء بن السائب قال: حدثني أبي السائب أن عبدالله بن عمرو حدَّثه قال: انكسَفتِ الشمسُ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة، وقام الذين معه، فقام قيامًا فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم رفع رأسه، وسجد فأطال السجود، ثم رفع رأسه، وجلس فأطال الجلوس، ثم سجد فأطال السجود، ثم رفع رأسه، وقام فصنع في الركعة الثانية مثلَ ما صنع في الركعة الأولى من القيام والركوع والسجود والجلوس،فج عل ينفخُ في آخرِ سجودِه من الركعة الثانية ويبكي، ويقول: ((لَمْ تَعِدْني هذا وأنا فيهم، لم تَعِدْني هذا ونحن نستغفرُك!) )، ثم رفع رأسه وانجلَتِ الشمسُ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب الناس، فحمِد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((إن الشمس والقمر آيتانِ من آيات الله عز وجل، فإذا رأيتُم كسوفَ أحدِهما، فاسعَوا إلى ذكر الله عز وجل، والذي نفس محمد بيده، لقد أُدْنيتِ الجنةُ مني حتى لو بسَطْتُ يَدي لتعاطيتُ مِن قُطُوفِها، ولقد أُدْنِيتِ النارُ مني حتى لقد جعلتُ أتَّقيها خشيةَ أن تغشاكم، حتى رأيتُ فيها امرأةً من حِمْيَر تُعذَّب في هِرَّة ربطَتْها فلم تَدَعْها تأكل من خَشاشِ الأرض، فلا هي أطعمَتْها ولا هي سقَتْها حتى ماتت، فلقد رأيتُها تنهَشُها إذا أقبَلَتْ، وإذا ولَّت تنهَشُ أَلْيَتَها ، وحتى رأيت فيها صاحبَ السِّبْتِي َّتَينِ أخا بني الدَّعْدَا عِ يُدفَع بِعصًا ذاتِ شُعْبتين في النار، وحتى رأيتُ فيها صاحبَ المِحْجَن الذي كان يسرق الحاجَّ بمِحْجَنِه متكئًا على محجنِه في النار يقول: أنا سارق المِحْجَن) )؛ رواه النسائي، قال الشيخ الألباني: صحيح.

(15)
عن عليٍّ قال: ما كان فينا فارسٌ يومَ بدرٍ غيرُ المِقْداد، ولقد رأيتُنا وما فينا إلا نائمٌ، إلا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم تحتَ شجرةٍ يُصلِّي ويبكي، حتى أصبح"؛ رواه أحمد، وقال الأرنؤوط: (إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين)، ورواه ابن حبان، وقال الشيخ الألباني: صحيح.


(16)
عن البراء قال: "كنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازةٍ، فجلَس على شَفير القبرِ، فبكى حتى بلَّ الثرى، ثم قال: ((يا إخواني، لمثلِ هذا فأعِدُّوا) )؛ رواه ابن ماجه، وقال الشيخ الألباني: حسن.
وفي الزوائد: إسناده ضعيف، قال ابن حبان في الثقات: محمد بن مالك لم يسمع من البراء، ثم ذكره في الضعفاء.


(17)
عن أبي هريرةَ يقول: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على رهطٍ من أصحابه وهم يضحكون، فقال: ((لو تعلمون ما أعلم، لضحِكتُم قليلًا ولبكَيْتُم كثيرًا))، فأتاه جبريل، فقال: ((إن الله يقولُ لك: لِمَ تُقنِّطُ عبادي؟))، قال: فرجَع إليهم، فقال: ((سَدِّدوا ، وقارِبوا، وأبشِروا)) ؛ رواه أحمد وابن حبان، وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.


(18)
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أخذ الرايةَ زيدٌ فأُصِيب، ثم أخذها جعفرٌ فأُصِيب، ثم أخذها عبدُالله بنُ رَواحةَ فأُصِيب - وإن عينَيْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لتذرفان - ثم أخَذها خالدُ بنُ الوليد مِن غيرِ إمرةٍ ففُتِح له))؛ رواه البخاري، باب الرجل يَنْعَى إلى أهل الميِّت بنفسه.




الشيخ حسن عبدالعال محمود